البغدادي، بمدينة السلام- أدام الله سعادته- في أوائل جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ قال: أنشدني محمد بن عبد الملك الوظائفي لنفسه هذه الأبيات، يعرض فيها بذكر الوزير أبي الحسن محمد بن محمد بن عبد الكريم القمي، وولده حين قبض عليهما الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين، ويذكر سوء صنيعهما، ويحرض فيها على قتلهما بألفاظ رماة البندق، المصطلح عليها، وتوصل في عرضها، لكونه كان موتورًا منه، وحكى أنه عرضها وهي: [من الكامل]

لقد انتحى المستنصر المنصور ... يوم المكين كما انتحى المنصور

ملك الخراسانيُّ ذاك بعينه ... وكذا خراسانينا المأسور

يشير إلى أبي مسلم الخراساني- صاحب الدولة- وقد جعل قم من خراسان.

لا تبقه يا خير من وطئ الثَّرى ... فالرَّأيُّ أن لا يهمل الموتور

/ 199 ب/ وأقصم عرى عنق القصير فدونه ... في المكر والكيد الوكيد قصير

القصير الأول القميّ؛ لأنه كان قصيرًا؛ والثاني قصير الذي احتال في أخذ ملك الزَّباء.

مولاي في وجه الغداة صرعت مصـ ... ـطبحًا وطير المخِّ فيه وكور

أخليت منه الجوَّ في ندب وكم ... حاملت عليه ولم تنله نسور

خيَّشته لكن مفيقًا فاتَّبع ... ما سنَّه في البندق الجمهور

والرأي تذكية المفيق فإنِّه ... ما زال يسكن روعه فيطير

فالكيُّ مخلفه لديه واضعٌ ... في خدِّه عضدٌ له وظهير

لا تأمنن عليهما في مجلسٍ ... ضنكٍ فعندهما له تدبير

كم هارب من قلَّة في قلعةٍ ... ولكم نجا بقيوده مطمور

فاقتلهما بالسَّيف أحوط فارسٍ ... لهما وهذا أول وأخير

ضلَّ المكين بكلِّ ما صنعت به ... آراؤه في دسته المغرور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015