من القول، ولا هزلًا ولا رقيقًا منه، ولا جزلًا ولا نكرًا ولا طرفًا ولا ظرفًا ولا سخفًا إلَّا وأعملنا فيه بزل الأفكار، واستخرجنا أبكار، قرائح أزرت على الأبكار.
كلّ ذلك رغبة بالمنظوم والمنثور، لا طلبة للفسوق والفجور، فليعذر من وقف على سخفه، واستجلى قمر مجونه من سجفه، موفقًا إن شاء الله".
وبلغني أنّه كان معلم الصبيان مدّة، ثم صار بعد ذلك بمعرة النعمان في ديوان الزكاة /33 ب/ مشرفًا، وتنقل في البلاد الشامية، طلبًا للارتزاق والاسترفاد. وكان شيعيًا مائلًا إلى مذهب الإماميّة، كثير الشعر، وديوان أشعاره كبير جدًّا يشتمل على مدائح ومراثٍ وغزل ومجون وأوصاف وأغراض مختلفة النعوت.
ومن شعره في غلام اسمه عبد الكريم: [من السريع]
مولاي يا عبد الكريم استمع ... من عبدك الأصغر شكواه
حتَّى متى تقتلني عامدًا ... بالهجر لا وأخذك الله
كن مثل من أعتق عبدًا له ... ما أقبح البخل وأزراه
فقال لي وازورَّتيهًا وذو الحسن على ذي الحزن تيَّاه:
عبد الكريم اسمي ولمَّا يكن ... ذا العبد من طينة مولاه
وشادن تسحر ألفاظه ... بنا كما تسحر عيناه
أضحى نعيمي وشقائي فما ... أبعده منِّي وأدناه
أموت إن أعرض عنِّي كما ... أحيا إذا لاح محيَّاه
وقال أيضًا في صباه، مجيبًا لصديق له عن أبيات /34 أ/ جاءته في صدر كتاب:
[من الكامل]
وافى كتاب أبي عليّ يقول الأدباء عين الشعر والشعراء
ففضضته فرأيت طرسًا معربًا ... عن سؤددٍ وبلاغةٍ وعلاء
متضمِّنًا من نظمه دررًا حكت ... حسنًا عقود الغادة الحسناء
أمهذَّب الدِّين الَّذي أخلاقه ... كالسَّلسبيل مشوبةٌ بالماء
قسمًا لقد شرَّفتني وبنيت لي ... مجدًا قواعده على الجوزاء
وكسوت عرضي من ثنائي حلَّةً ... أزرت بما صنعت يدا صنعاء