الأمر لأنّه كان ذا إقتار، وممن أفسد عليه صهره، محمد بن أحمد الضرير الواسطي. وتوفى في الحمام فجأة وذلك أنّه اغتسل، فخرج ولبس ثيابه، وأسند ظهره إلى الحائط، فحرّك فإذا به وقد توفي، وذلك ما بين سنة ست وسبع وستمائة بالموصل -رحمه الله تعالى-.
أنشدني أبو عبد الله النحوي الأديب، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن أبي منصور لنفسه، يمدح عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن آق سنقر، من قصيدة أوّلها: [من الطويل]
لعيني سليمى مهجتي وخضوعها ... وإن كان لا ينفكّ عنها ولوعها
ولست أفدِّيها بغير حشاشةٍ ... إليها وإن شطَّ المزار رجوعها
يقول خليلي: خلِّ عنها وفي الحشا ... من الشَّوق نارٌ لا يكلُّ وقوعها
وكيف أسلِّي القلب عنها ولم يزل ... يخالف أمري في الهوى ويطيعها
ومنها:
وقلت لعيني اسكبا الدَّمع إنَّها ... منازل أحبابي وهذي ربوعها
/24 ب/ ومخلصها في المديح:
سحائب لا تنفكُّ أو تذر الثَّرى رويًّا وحتَّى كلُّ شيءٍ نقيعها
كجود عماد الدِّين زنكيِّ ذي النَّدى ... إذا ألسن الشَّهباء أقوت مروعها
وله قصيدة طويلة يمدح بها أتابك أبا الحارث أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي، صاحب الموصل -رحمه الله- أولها: [من الطويل]
خليليَّ عوجا بي على بانة الحمى ... عسى عائدٌ من عيشنا ما تصرَّما
ومرَّا على الوادي فبي لظبائه ... جوىً كلَّما شطَّ النَّوى بي تضرَّما
فيا حبَّذا بان الحمى وعراره ... وسكَّان واديه وغزلانه الدُّمى
فلا بان إلَّا بانه قطُّ ما سرت ... له نفحةٌ إلَّا أثارت متيَّما
كأنَّ السَّليم المستقلَّ بريِّه ... غداة سرى عن طيب سعدى تنسَّما
سرى ناشرًا من طيفها ما انطوى به ... رداها فأبدى منه سرًّا مكتَّما