وأبو الحسن قرأ النحو والعربية على أبي بكر المبارك بن المبارك الواسطي، ثم علي عميد الرؤساء أبي منصور/237 أ/ هبة الله بن حامد الحلي اللغوي وغيرهما؛ وحفظ القرآن العظيم في مدةّ قريبة، وفي خمسة وخمسين يوماً على عبد الوهاب الوقاباتي، ولازم أبا بكر محمد بن موسى الحازمي، وخدمه كثيراً إلى أن مات.
ثم صحب جماعة من شيوخ بغداد كأبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، وعبد المنعم بن كليب الحراني، وابن سكينة عبد الوهاب بن علي بن علي البغدادي وغيرهم؛ ثم توجه إلى الشام فصحب أبا اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي، وأخذ أكثر ما عنده، ولم يكن في أصحاب أبي اليمن أعرف منه بعلم العربية.
وكان أديباً فاضلاً زاهداً ورعاً ذكياً؛ توفي بدمشق سنة ست وعشرين وستمائة؛ وكانت ولادته يوم الجمعة في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وخمسمائة.
أنشدني الصاحب الوزير أبو البركات المستوفي؛ قال: أنشدني أبو الحسن لنفسه خادم خصي أبيض يدعي مختاراً: [من الكامل]
مختار مختار النُّفوس وفتنة ... للنَّاظرين ومحنه العشَّاق
ومنى القلوب وغاية المطلوب في ... شرع الهوى ومطيَّة الفسَّاق
وقال: وأنشدني/ 237 ب/ الشيخ نجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني، بدمشق سنة أربعين وستمائة؛ قال: أنشدني أبو الحسن لنفسه:
[من الطويل]
وقائله بغداذ منشاك الذي ... ونشأت به طفلاً عليك التَّمائم
فما بالها تشكو جفاءك معرضاً ... أما آن تثنى إليها العزائم
فقلت [أجل] إني الفريد وإنَّها ... أوان مغاض الدَّمع والوقت غائم
وقد جرت العادات في الدُّر أنَّه ... إذا فارق الأصداف لاقاه ناظم
وله وقد أوحش بينه وبين السلطان ثم أصلح بينهما، وأنشدنيه نجيب الدين عنه:
[من السريع]
يا ملكاً صيَّرني كسره ... جبري كسيراً لازم الكسر
عبدك قد أصبح في حالة ... تشبه ضرب الكسر بالكسر