يا غريب الحسن والجالب منه كلِّ فنٍ
ما ذكرنا البدر إلاَّ ... وبه إيَّاك نعني
أو ذكرنا الغصن إلاَّ ... وكنت من أحسن غصن
متلفي فيك تلافيك ... وإعراضك عنِّي
أترى ذلك يرضيك ... فإن كان فزدني
كم تأنَّيت لأمرٍ ... عزَّ مع طول التَّأنِّي
وكم استعجلت شيئا ... جاء من غير تعنِّي
أتمنَّى ليلة السَّفح ... وما يجدي التَّمنِّي
نح معي يا طائر البان وإن شئت فغنِّ
كلُّنا صاحب وجد ... وصباباتٍ وحزن
صاح ما ذي الغارة الشَّعواء في منزل أمن
رشأ يفتك بالأسد ... بلا ضربٍ وطعن
ما رمى إلاَّ أصاب القلب من قبل المجنِّ
/216 أ/ فهو في السُّخط جحيمٌ ... والرِّضا جنَّة عدن
كجمال الدِّين مولى ... معرب السُّؤود منِّي
ماجدٌ في راحتيه ... ما يروم المتمنِّي
يهدم المال ولكن ... لقصور المجد يبنِّي
فهو عزِّي وغياثي ... من أذى الدَّهر وحصني
قد جرت في بحر جدواه بريح النُّجح سفني
وأنشدنا محمد بن سعيد الواسطي؛ قال: أنشدني أبو الحسن الكرخي لنفسه: [من الكامل]
ما هذه الدُّنيا لطالب رفدها ... وعطائها إلاَّ شقا وعناء
يبني بها داراً ويعلم أنَّه ... يمضي ويسكن داره الأعداء
ولو ارعوى لم يبن فيها منزلاً ... ونهاه عن عمل الفناء فناء
كمثال دود القزِّ ينفع [غيره] ... ولنفسه بفعاله الضَّرَّاء
وانظر إلى المعنى بعين بصيرةٍ ... فاللَّفظ للمعنى الجليل وعاء