ثم جرت له نبوة فسجنه بقلعة هرور من أعمال إربل؛ ومات بها محبوسًا يوم الاثنين خامس عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وستمائة؛ وكانت ولادته في ثامن عشر ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمسمائة – رحمه الله تعالى -.

وكان من محاسن زمانه، وظرفاء الدّهر وأعيانه؛ لطيفًا جليلًا عاقلًا حصيفًا؛ يرجع إلى فضل وذكاء وكفاية ودهاء بصيرًا بالأمور السلطانية، ذا رأي ثاقب، وحزم شديد، تاركًا للتكلف؛ يكره الحشمة والرئاسة، ويتبسط مع الأصدقاء والأصحاب، ويظهر البشر والبشاشة بينهم، ويتعصب للغرباء /201 ب/ وأهل الأدب والشعر.

أنشدني الصاحب الوزير أبي البركات المستوفي؛ قال: أنشدني أبو الحسن علي بن شماس الوزير لنفسه في محبوس: [من الكامل]

لا يشمت الحسّاد حبسك إنَّه ... شرف يتيه يمثله الأشراف

ثكلتهم أمُّ العلاء أما دروا ... مأوى نفيس الجوهر الأصداف

لو كان ينصفك الزَّمان كفاك ما ... يجني ولكن فاتك الإنصاف

وأنشدني؛ قال: أنشدني أيضًا لنفسه: [من الكامل]

يا من يسامرني بعجمة لفظه ... فإخال سحبانًا بها متكلِّما

فأظلُّ مكتئبًا بنطق صامت ... يا قاتل الله الفصيح الأعجما

وأنشدني؛ قال: أنشدني لنفسه: [من الكامل]

هل ناصر قد عزَّت الأعوان ... أم راحم قد لجَّ بي العدوان

أم حامل ضيمي وتلك بوارق الطَّمع الكذوب سحابها لمعان

وأنشدني؛ قال: أنشدني لنفسه من قطعة: [وكتب بها إلى الأمير عزّ الدين الدين محمد .. بدر ... الكردي يعاتبه من الحبس، وكان .... أولها: [من الطويل]

متى ينقضي ..... ..... ... ..... ..... وجروح

.. أضرَّ بها النوى ... وتوقى دموع جفنهنَّ قريح ...

.. ..... ..... ... ..... ...... ..... تنوح]

وتجمعنا دار نعمنا بظلِّها ... ونغدو على جيراننا ونروح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015