ابْن عبد الْبر: " هَذَا هُوَ الْقيَاس على غير أصل، وَالْكَلَام فِي الدّين بالخرص والظنة ".
وَقد ثَبت عَن أكَابِر الصَّحَابَة الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم ذمّ الرَّأْي ومقت الْعَامِل بِهِ، وَأَنه لَيْسَ من الدّين فِي شَيْء.
وَقد استوفى ذَلِك الْحَافِظ ابْن عبد الْبر فِي كتاب (الْعلم) ، وَجمع مَا لم يجمعه غَيره.
والرأي إِذا كَانَ فِي مُعَارضَة أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة أَو كَانَ بالخرص وَالظَّن مَعَ التَّقْصِير عَن معرفَة النُّصُوص، أَو كَانَ متضمناً تَعْطِيل أَسمَاء الله تَعَالَى، وَصِفَاته، أَو كَانَ مِمَّا أحدثت بِهِ الْبدع وغيرت بِهِ السّنَن، فَلَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي أَنه بَاطِل وَأَنه لَيْسَ من الدّين فِي شَيْء.
وَإِذا كَانَ مَبْنِيا على قِيَاس على دَلِيل فِي الْكتاب وَالسّنة، فَإِن كَانَ بِتِلْكَ المسالك الَّتِي لَا ترجع إِلَى شَيْء، إِنَّمَا هِيَ مُجَرّد تَظنن وتخمين فَهُوَ أَيْضا بَاطِل. وَإِن كَانَ مَعَ الْقطع بِنَفْي الْفَارِق، أَو كَانَ ثُبُوت الْفَرْع بفحوى الْخطاب أَو كَانَت الْعلَّة منصوصة، فَهَذَا وَإِن أطلق عَلَيْهِ اسْم الْقيَاس فَهُوَ دَاخل تَحت دلَالَة الأَصْل مشمول بِمَا دلّ عَلَيْهِ مَأْخُوذ مِنْهُ.
وتسميته قِيَاسا إِنَّمَا هُوَ مُجَرّد اصْطِلَاح. وَقد أوضحت الْكَلَام على هَذَا فِي كتابي الَّذِي سميته (إرشاد الفحول إِلَى تَحْقِيق الْحق من علم الْأُصُول) .