فَجعل هَذَا الرَّد من مُوجبَات الْإِيمَان، وَعَدَمه من مُوجبَات عَدمه. فَإِذا انْتَفَى الرَّد انْتَفَى الْإِيمَان.
وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} ، فَأخْبر سُبْحَانَهُ، أَنه مَا صَحَّ وَلَا استقام لأحد من الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات أَن يخْتَار غير مَا قضى بِهِ الله وَرَسُوله. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله وَاتَّقوا الله إِن الله سميع عليم} : أَي لَا تقدمُوا بأقوالكم بَين يَدي قَول الله وَرَسُوله، بل قُولُوا كَمَا يَقُول الله وَرَسُوله. وَمَعْلُوم أَن فتيا الْمُفْتِي بِغَيْر الْكتاب وَالسّنة وَمَا يرجع إِلَيْهِمَا [هِيَ] فتيا، بِالْجَهْلِ الَّذِي حذر مِنْهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وأنذر بِهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من قَوْله: " إِن الله لَا ينْزع الْعلم بعد إِذْ أعطا كموه انتزاعا، وَلَكِن يَنْزعهُ مَعَ قبض الْعلمَاء بعلمهم، فَيبقى نَاس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون ".
وَفِي حَدِيث عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] :
(تفترق أمتِي على بضع وَسبعين فرقة أعظمها فتْنَة قوم يقيسون لدين برأيهم يحرمُونَ مَا أحل الله، وَيحلونَ مَا حرم الله) . قَالَ أَبُو عَمْرو