وَولده الْمَنْصُور (عَليّ بن صَلَاح) فقلقلهم وزلزلتهم، وأجرجتهم من معاقلهم وشردتهم فِي أقطار الأَرْض، وسفكت دِمَاءَهُمْ فِي كثير من المواطن. وَلم يبْق مِنْهُم بعد ذَلِك إِلَّا بقايا حقيرة قَليلَة ذليلة تَحت أذيال التَّقيَّة وَفِي حجاب التستر، والتَّظَهُّر بدين الْإِسْلَام إِلَى هَذِه الْغَايَة.
والرجاء فِي الله عز وَجل، أَن يستأصل بَقِيَّتهمْ، ويذهبهم بسيوف الْإِسْلَام وعزائم الْإِيمَان، وَمَا ذَلِك على الله بعزيز.
هَذَا مَا وَقع من هَذِه الدعْوَة الملعونة فِي الديار اليمنية، وَأما فِي غَيرهَا، فَأرْسل مَيْمُون القداح رجلا أَصله من الْيمن يُقَال لَهُ أَبُو عبد الله الدَّاعِي إِلَى بِلَاد الْمغرب فَبَثَّ الدعْوَة هُنَالك، وتلقاها، رجال من أهل الْمغرب من قَبيلَة كُتَامة وَغَيرهم من البربر فظهرت هُنَالك دولة قَوِيَّة.
وَلم يتم لَهُم ذَلِك إِلَّا بِإِدْخَال أنفسهم فِي النّسَب الشريف الْعلوِي الفاطمي. ثمَّ طَالَتْ ذيول هَذِه الدولة المؤسسة على الْإِلْحَاد، واستولت على مصر ثمَّ الشَّام ثمَّ الْحَرَمَيْنِ، فِي كثير من الْأَوْقَات. وغلبوا خلفاء بني الْعَبَّاس على كثير من بِلَادهمْ حَتَّى أبادتهم الدولة الصلاحية [دولة] صَلَاح الدّين بن أَيُّوب.
فَكَانَ من أعجب الِاتِّفَاق أَن الْقَائِم بمصاولتهم ومحو دولتهم فِي الْيمن