وَالْجَاهِل يعاديه لكَونه قد فَازَ بِتِلْكَ المزية الجليلة، والخصلة النبيلة الَّتِي هِيَ أشرف خِصَال الدّين:

(فمنزلة السَّفِيه من الْفَقِيه ... كمنزلة الْفَقِيه من السَّفِيه)

(فَهَذَا زاهد فِي حق هَذَا ... وَهَذَا فِيهِ أزهد مِنْهُ فِيهِ)

وَأما الْعَدَاوَة بَين المتبع والمبتدع فَأمرهَا أوضح من الشَّمْس فَإِن المتبع يعادي المبتدع لبدعته، والمبتدع يعادي المتبع لإتباعه وَكَونه على الصَّوَاب، والتمسك بالبدع يعمى بصائر أَهلهَا فيظن أَن مَا هُوَ عَلَيْهِ من الضَّلَالَة هُوَ الْحق الَّذِي لَا شُبْهَة فِيهِ، وَأَن المتبع للْكتاب وَالسّنة على ضَلَالَة.

وَقد تبلغ عداوات أهل الْبدع لغَيرهم من أهل الِاتِّبَاع فَوق عداواتهم للْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَلَا شكّ أَن أَوْلِيَاء الله سُبْحَانَهُ لَهُم من منصب الْإِيمَان وَالْعلم والاتباع للنصيب الأوفر.

فأعداؤهم يكثرون لِكَثْرَة مَا منحهم الله من الْخِصَال الشَّرِيفَة، ويحسدونهم زِيَادَة على مَا يحسدون أهل الْفَضَائِل لاجتماعها لديهم، مَعَ فوزهم بِالْقربِ من الله بِمَا فتح الله عَلَيْهِم بِهِ من طاعاته، فرائضها، ونوافلها.

وهم أَيْضا يكْرهُونَ أَعدَاء الله لوُجُود المقتضيات ليدهم لكراهتهم؛ من الْإِيمَان وَالْعلم وَالْعَمَل الصَّالح، وتقوى الله سُبْحَانَهُ على الْوَجْه الأتم.

وَإِذا الْتبس عَلَيْك هَذَا فَانْظُر فِي تَمْثِيل يقربهُ إِلَيْك وَهُوَ أَن من كَانَ لَهُ حَظّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015