من الْمُحرمَات، وَقد قدمنَا أَن المعيار الَّذِي لَا يزِيغ، وَالْمِيزَان الَّذِي لَا يجور، هُوَ ميزَان الْكتاب وَالسّنة.
فَمن كَانَ مُتبعا لَهَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا فكراماته، وَجَمِيع أَحْوَاله رحمانية، وَمن لم يتَمَسَّك بهما وَيقف عِنْد حدودهما فأحواله شيطانية، فَلَا نطيل الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام، ولنعد إِلَى شرح الحَدِيث الَّذِي نَحن بصدد الْكَلَام عَلَيْهِ، فَنَقُول:
قَالَ ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي: " وَقد اسْتشْكل وجود أحد يعاديه يَعْنِي الْوَلِيّ، لِأَن المعاداة، إِنَّمَا تقع من الْجَانِبَيْنِ، وَمن شَأْن الْوَلِيّ الْحلم والصفح عَمَّن يجهل عَلَيْهِ {} ؟ .
وَأجِيب بِأَن المعاداة لم تَنْحَصِر فِي الْخُصُومَة، والمعاملة الدُّنْيَوِيَّة مثلا بل قد تقع عَن بغض ينشأ عَن التعصب، كالرافضيِّ فِي بغضه لأبي بكر والمبتدع فِي بغضه للسني فَتَقَع المعاداة من الْجَانِبَيْنِ.
أما من جَانب الْوَلِيّ: فَللَّه تَعَالَى وَفِي الله. وَأما من جَانب الآخر فَلَمَّا تقدم.
وَكَذَا الْفَاسِق المتجاهر يبغضه الْوَلِيّ، ويبغضه الآخر لإنكاره عَلَيْهِ وملازمته لنَهْيه عَن شهواته.
وَقد تطلق المعاداة، وَيُرَاد بهَا الْوُقُوع من أحد الْجَانِبَيْنِ بِالْفِعْلِ، وَمن الآخر بِالْقُوَّةِ انْتهى ".