" قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم: إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث: صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ، أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ " وَأخرجه ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح من حَدِيث أبي قَتَادَة بِنَحْوِهِ.
وَبِمَا ذكرنَا تعرف الْجَواب على مَا قَالَه الدَّاودِيّ إِجْمَالا.
وَأما مَا حَكَاهُ ابْن حجر عَن الْكرْمَانِي من الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين. فَيُقَال على الأول: إِن كل الْعِبَادَات وَسَائِر الصَّلَوَات فرائضها ونوافلها هِيَ عبَادَة للرب. وَالْعَابِد متواضع للمعبود دَائِما خُصُوصا عِنْد الْعِبَادَة. فَمَا الْوَجْه لتقييد النَّوَافِل الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب بِقَيْد التَّوَاضُع مَعَ أَن غَيرهَا مثلهَا؟ .
وَلِهَذَا ورد أَن الصَّلَوَات الْفَرَائِض وَغَيرهَا تَتَفَاوَت بتفاوت الْخُشُوع حَتَّى تكون لبَعض الْعباد صَلَاة كَامِلَة، ولبعضهم نصف صَلَاة ولبعضهم أقل من ذَلِك، كَمَا فِي الحَدِيث الْوَارِد فِي هَذَا الْمَعْنى.
والخشوع لَا يتم إِلَّا بغاية الخضوع فَهَذِهِ خَاصَّة للعبادات، خُصُوصا الصَّلَوَات شَامِلَة لَا مُخْتَصَّة بِنَوْع مِنْهَا. وَكلهَا إِذا حصل الاستكثار من نوافلها حصلت للْعَبد الْمحبَّة من الرب عز وَجل فَيلْزم على هَذَا أَن الْعِبَادَات كلهَا يسْتَدلّ بهَا على التَّوَاضُع فِي جَمِيع الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي أَنْوَاعهَا فِي البُخَارِيّ وَغَيره، بل مُجَرّد الْعُبُودِيَّة إِذا لم تكن على تواضع وخضوع فَلَيْسَتْ عبودية مُعْتَبرَة.
وَأما الْوَجْه الثَّانِي فَمَا أبعده. فالرب سُبْحَانَهُ قد وصف نَفسه بِأَنَّهُ المتكبر