الْوَلِيّ فِي الْوَاقِع كَذَلِك فَصَحِيح. وَإِن أَرَادَ أَن فِي الحَدِيث الْقُدسِي دلَالَة على هَذِه الْعلَّة فَلَا، فَإِنَّهُ لم يذكر ذَلِك فِيهِ إِلَّا أَن يُرِيد أَن فِي قَوْله: كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ إِلَى آخِره، مَا يدل على أَنه بذلك قد صَار فِي تَدْبِير من صَار سَمعه وبصره الخ. وَهُوَ الرب عز وَجل، وَلَكِن لَيْسَ هَذَا الْخُرُوج من فعل الْوَلِيّ حَتَّى يكون ذَلِك عِلّة لتعظيم قدره، فَإِن ذَلِك من فعل الله سُبْحَانَهُ، فَهُوَ الَّذِي جازى الْوَلِيّ بالمحبة وَكَانَ سَمعه وبصره الخ، هُوَ من جملَة مَا جوزي بِهِ الْوَلِيّ فَلَا يَصح أَن يكون عِلّة للمجازاة.
وَأما قَوْله " وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَن لَا يحكم لإِنْسَان آذَى وليا الخ ".
فَلَعَلَّهُ يُرِيد أَنه سُبْحَانَهُ لما آذن من يعادي الْوَلِيّ بِالْحَرْبِ كَانَ ذَلِك وَاقعا لَا محَالة إِمَّا معجلا، أَو مُؤَجّلا، فِي النَّفس أَو فِي المَال أَو فِي الْوَلَد. فَإِن كل ذَلِك يصدق عَلَيْهِ أَنه من حَرْب الله لذَلِك المعادي للْوَلِيّ.
وَأما قَوْله: وَيدخل فِي قَوْله: " افترضت عَلَيْهِ: الْفَرَائِض الظَّاهِرَة الخ " فقد أوضحنا هَذَا عِنْد كلامنا على قَوْله: " وَمَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ " بأوضح بَيَان فأرجع إِلَيْهِ.
وَأما قَوْله: " وَفِيه دلَالَة على جَوَاز اطلَاع الْوَلِيّ على المغيبات باطلاع الله تَعَالَى إِيَّاه الخ " فَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْله: " كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ. . الخ ".
فَإِن من كَانَ الله سُبْحَانَهُ سَمعه وبصره لَا مَانع من اطِّلَاعه على بعض [أسراره] الإلهية وَلَا سِيمَا بعد بَيَان هَذَا بقوله: فَبِي يسمع، وَبِي يبصر،