عِنْد أهل اللُّغَة احْتَاجَ شرَّاح الحَدِيث إِلَى تَأْوِيله بِوُجُوه.
قَالَ الْخطابِيّ: " التَّرَدُّد فِي حق الله تَعَالَى غير جَائِز، والبدا عَلَيْهِ فِي الْأُمُور غير سَائِغ، وَلَكِن لَهُ تأويلات ".
" أَحدهَا: أَن العَبْد قد يشرف على الْهَلَاك فِي أَيَّام عمره من دَاء يُصِيبهُ. وفاقة تنزل بِهِ فيدعو الله تَعَالَى ويستغيثه فيشفيه مِنْهَا، وَيدْفَع عَنهُ مكروهها، فَيكون ذَلِك من فعله كتردد من يُرِيد أمرا ثمَّ يَبْدُو لَهُ فيتركه ويعرض عَنهُ، وَلَا بُد لَهُ من لِقَائِه إِذا بلغ الْكتاب أَجله. وَلِأَن الله تَعَالَى قد كتب الفناء على خلقه، واستأثر بِالْبَقَاءِ لنَفسِهِ " انْتهى الْوَجْه الأول.
أَقُول: مَا أبرد هَذَا التَّأْوِيل وأسمجه، وَأَقل [فَائِدَته] فَإِن صُدُور الشِّفَاء من الله عز وَجل لذَلِك الَّذِي أَصَابَهُ الدَّاء فشفاه مِنْهُ لَيْسَ من التَّرَدُّد فِي شَيْء بل هُوَ أَمر وَاحِد وَجزم لَا تردد فِيهِ قطّ.
وَكَذَلِكَ إِنْزَال الْمَرَض بِهِ جزم لَا تردد فِيهِ فهما قَضَاء بعد قَضَاء، وقدَر بعد قدر، وَإِن كَانَا [با] اعْتِبَار شخص وَاحِد، فهما مُخْتَلِفَانِ متغايران لم يتحدا ذاتا، وَلَا وقتا، وَلَا زَمَانا، وَلَا صفة. بل قضى الله على عَبده بِالْمرضِ ثمَّ شفَاه مِنْهُ.