مَا أَظُنك أَيهَا الْمُتَكَلّم إِلَّا شَيْطَانا، فأعوذ بِاللَّه مِنْك، فَعِنْدَ ذَلِك تتلاشى تِلْكَ الصُّورَة وَلَا يبْقى لَهَا أثر.
فقد بلغ كيد الشَّيْطَان إِلَى هَذَا الكيد الْعَظِيم، وَلكنه لم ينْفق كَيده هَذَا على أَوْلِيَاء الله سُبْحَانَهُ فَردُّوهُ فِي نَحره حَتَّى إِنَّه قد يتطاير عِنْد ذَلِك التلاشي شرراً كَمَا وَقع لكثير مِنْهُم.
فَهَذَا الَّذِي يزْعم أَنه من أَوْلِيَاء الله قد كاده الشَّيْطَان بِهَذِهِ الْحِيلَة واجتذبه بِهَذَا الْمَكْر، فانخدع وَعَاد سَعْيه ضلالا وعبادته كفرا وَعَمله خسراً. وَسبب ذَلِك مَا هُوَ فِيهِ من الْجَهْل بالشريعه المطهرة، وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ لَهُ من أنوار الدّين وحجج الشَّرْع مَا يرد عَنهُ كيد الشَّيْطَان الرَّجِيم، كَمَا رده أَوْلِيَاء الله فَعَاد خاسئاً وَهُوَ حسير.
وَقد عرفناك أَن دَعْوَى الْولَايَة إِذا لم تكن مربوطة بِالشَّرْعِ مُقَيّدَة بِالْكتاب وَالسّنة صل صَاحبهَا وَهُوَ لَا يدْرِي ومكر بِهِ وَهُوَ لَا يشْعر وَوَقع فِي مغاضب الله سُبْحَانَهُ وَهُوَ يظنّ أَنه فِي مراضيه.
وَمَا أحسن قَول الشَّاعِر:
(فَسَاد كَبِير عَالم متهتك ... وأفسد مِنْهُ جَاهِل متنسك)
(هما فتْنَة للْعَالمين كَبِيرَة ... لمن بهما فِي دينه يتَمَسَّك)
قَوْله: " وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا فَاعله ترددي عَن نفس الْمُؤمن " فِي حَدِيث عَائِشَة عَن مَوته.
التَّرَدُّد: التَّوَقُّف عَن الْجَزْم بِأحد الطَّرفَيْنِ وَلأَجل كَون هَذَا مَعْنَاهُ