وَإِن كَانَ مُرَاده أَنه قد يتَخَلَّف تَارَة وَيَقَع الْمَطْلُوب بِعَيْنِه تَارَة فَكَلَامه السَّابِق قد تضمن هَذَا بل صرح بِهِ تَصْرِيحًا لَا يبْقى بعده ريب. فَمَا معنى تَكْرِير الْكَلَام بِمَا يُوهم أَن دُعَاء الْوَلِيّ لَا يرد على كل حَال؟ .
ثمَّ قَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح: " وَفِيه أَن العَبْد وَلَو بلغ أَعلَى الدَّرَجَات حَتَّى يكون محبوباً لله لَا يَنْقَطِع عَن الطّلب من الله تَعَالَى لما فِيهِ من الخضوع لَهُ وَإِظْهَار الْعُبُودِيَّة " انْتهى.
أَقُول: إِذا كَانَ أَنْبيَاء الله [صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِم] لَا ينقطعون عَن الطّلب من الله والرجاء لَهُ، وَالْخَوْف مِنْهُ حَتَّى قَالَ سيد ولد آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا صَحَّ عَنهُ: " وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم مَا يفعل بِي " مَعَ أَنه الَّذِي غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر.
وَيَقُول كَمَا صَحَّ عَنهُ من شدَّة خَوفه من ربه. " لَو علمْتُم مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا، ولبكيتم كثيرا الحَدِيث الَّذِي تقدم " حَتَّى قَالَ فِي آخِره: " وددت أَنِّي شَجَرَة تعضد ".