(وَكم سَائل عَن سر ليلى رَددته ... بعمياء من ليلى بِغَيْر يَقِين)
(يَقُولُونَ: خبرنَا فَأَنت أمينها ... وَمَا أَنا إِن خبرتهم بأمين)
فهم الْقَوْم الَّذين لَا يشقى جليسهم، وَلَا يستوحش أنيسهم. قد نالوا مطالبهم بِرَفْع أكفهم إِلَى خالقهم، لَا يَحْتَاجُونَ فِي حوائجهم إِلَّا إِلَيْهِ وَلَا يعولون إِلَّا عَلَيْهِ.
(ونبيت ليلى أرْسلت بشفاعة ... إِلَى فَهَلا نفس ليلى شفيعها)
(أأكرم من ليلى على فترتجى ... بِهِ الْوَصْل أم كنت امْرأ لَا أطيعها؟)
وَقَول ابْن حجر فِي كَلَامه الَّذِي نَقَلْنَاهُ هُنَا أَنه قد تقدم الْجَواب عَمَّا يتَخَلَّف. هُوَ كَلَام لَا حَاصِل لَهُ لِأَن الاستشكال الَّذِي قدمه، هُوَ على مَا يَقْضِيه الحَدِيث الْقُدسِي الَّذِي نَحن بصدد شَرحه. فَأجَاب عَن الْإِشْكَال بِمَا ذكره سَابِقًا من قَوْله: " وَالْجَوَاب أَن الْإِجَابَة تتنوع: فَتَارَة قد يَقع الْمَطْلُوب بِعَيْنِه إِلَى آخر كَلَامه ".
فَإِن كَانَ هَذَا الْجَواب مِنْهُ الَّذِي جعله متنوعا هُوَ عَمَّا أوردهُ من استشكال مَا فِي هَذَا الحَدِيث من قَوْله فِيهِ " إِن سَأَلَني لأعطينه وَلَئِن استعاذني لأعيذنه " فَكَلَامه هُنَا حَيْثُ قَالَ: إِن من أَتَى بِمَا وَجب عَلَيْهِ وتقرب بالنوافل لم يردهُ دعاؤه لوُجُود هَذَا الْوَعْد الصَّادِق الْمُؤَكّد بالقسم هُوَ كَلَام على ذَلِك اللَّفْظ الَّذِي أورد الْإِشْكَال عَلَيْهِ. ومجموع كلاميه هما فِي شرح ذَلِك اللَّفْظ. فَمَا معنى قَوْله: إِنَّه قد تقدم الْجَواب عَمَّا يتَخَلَّف؟ فَإِن كَانَ التَّخَلُّف وَغير التَّخَلُّف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَلِيّ الَّذِي وعده الله بذلك الْوَعْد فقد تنَاقض كَلَامه.