وَبِهَذَا يَتَقَرَّر لَك أَن استدلالهم بِقصَّة أَيُّوب خَارج عَن مَحل النزاع مَعَ أَن هَذِه الْقِصَّة هِيَ أعظم مَا عولوا عَلَيْهِ وبنوا عَلَيْهِ القناطر الَّتِي لَيست من الشَّرِيعَة فِي قبيل وَلَا دبير، بل هِيَ ضد للشريعة وعناد لَهَا.
وَأما قصَّة يُوسُف فَالْجَوَاب عَنْهَا وَاضح لِأَنَّهَا وَاقعَة وَقعت لنَبِيّ من أَنْبيَاء الله سُبْحَانَهُ صنعها الله سُبْحَانَهُ لَهُ لخير أَرَادَ بِهِ لأَهله.
فَإِن كَانَ مثل ذَلِك مَمْنُوعًا فِي شريعتنا فقد نسخ مَا كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَة بِمَا كَانَ فِي شريعتنا، وشريعتنا هِيَ الشَّرِيعَة الناسخة للشرائع، وَمَعْلُوم أَنه لَا يُؤْخَذ مِمَّا كَانَ من الشَّرَائِع السَّابِقَة إِلَّا مَا قَرّرته شريعتنا مِنْهَا لَا مَا خالفته وأبطلته، فَمَا لنا وللتعلق بشريعة مَنْسُوخَة؟ {.
وَإِن كَانَ مثل ذَلِك جَائِزا فِي شريعتنا فَلَيْسَ النزاع فِيمَا هُوَ جَائِز فِيهَا. بل النزاع فِي حيل المحتالين ودنس المدنسين المحللين لأحكام الشَّرِيعَة من عِنْد أنفسهم المسقطين لفرائض الله سُبْحَانَهُ بآرائهم الفايلة وتدليساتهم الْبَاطِلَة.
وَالْحَاصِل أَن كل مَا ثَبت فِي الشَّرِيعَة من تَخْفيف أَو خُرُوج من مأثم فَنحْن نقُول هُوَ شَرِيعَة بَيْضَاء نقية، فَمن زعم أَنه حِيلَة فقد افترى على الله وعَلى رَسُوله وعَلى كتاب الله وعَلى سنة رَسُوله الْكَذِب الصَّرَاح وَالْبَاطِل البَوَاح. فَأَيْنَ هَذَا من صنع هَؤُلَاءِ المعاندين لله وَلِرَسُولِهِ الْمُخَالفين للْكتاب وَالسّنة الدافعين لما هُوَ ثَابت فِيهَا بعد كمالها وتمامها وَمَوْت نبيها وَانْقِطَاع الْوَحْي مِنْهَا؟} يالله الْعجب