فَأَيْنَ قصَّة أَيُّوب من صَنِيع هَؤُلَاءِ المحتالة على الله وعَلى رَسُوله وعَلى الشَّرِيعَة الإسلامية، وعَلى عباد الله الْمُسلمين؟ .
وَأي جَامع يجمع بَين هَذَا وَبَين قصَّة أَيُّوب؟ ثمَّ هَذِه الْقِصَّة الأيوبية هِيَ من التَّحَلُّل من الْإِيمَان وَالْخُرُوج من المأثم، فَلَو فَرضنَا أَن لَهَا دخلا فِيمَا قصدوه لَكَانَ ذَلِك خَاصّا بِمَا فِيهِ خُرُوج من المأثم والتحلل من الْإِيمَان. وَقد ثَبت فِي شرعنا أَن الْيَمين إِذا كَانَ غَيرهَا خيرا مِنْهَا كَانَ الْحِنْث أولى من الْبر كَمَا صَحَّ عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " من حلف من شَيْء فَرَأى غَيره خيرا مِنْهُ، فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه " وَصَحَّ عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم أَنه قَالَ: " وَالله لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خير وكفرت عَن يَمِيني ".
فقد ثَبت فِي شرعنا أَن الْحَالِف على يَمِين غَيرهَا خير مِنْهَا يكفر عَن يَمِينه من غير حَاجَة إِلَى ضرب فِي مثل صُورَة يَمِين أَيُّوب لَا مفرقاً، وَلَا مجموعاً وَقد ثَبت أَن امْرَأَة أَيُّوب كَانَت ضَعِيفَة لَا يحْتَمل ضعفها لوُقُوع مائَة ضَرْبَة مفرقة.
وَمثل هَذَا قد سوغت شريعتنا التَّخْفِيف فِيهِ خُرُوجًا من المأثم، وَلَا سِيمَا إِذا صَحَّ مَا روى أَن مَرِيضا أقرّ بِالزِّنَا وَكَانَ ضَعِيفا لَا يحْتَمل الْحَد الشَّرْعِيّ فَأمر النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم بِأَن يضْرب بشمراخ من النّخل فِيهِ مائَة عثكول. فَهَذَا لَيْسَ بحيلة بل شَرِيعَة ثَابِتَة.
وَلَيْسَ النزاع إِلَّا فِيمَا فعله المحتالون من زحلقة أَحْكَام الشَّرِيعَة بالأقوال الكاذبة المفتراة لَا فِيمَا قد ثَبت فِي الشَّرِيعَة.