وكما أَن قَول هَذِه المقلدة الَّذين ردموا بَاب الِاجْتِهَاد وسدوا طرقه قد استلزم رفع الْكتاب وَالسّنة والتعبد بغَيْرهَا، فَكَذَلِك استلزم رد مَا صَحَّ عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم:
" من أَنَّهَا لَا تزَال طَائِفَة من هَذِه الْأمة على الْحق ظَاهِرين ". وَكَذَلِكَ استلزم رد مَا صَحَّ أَنه لَا يزَال فِي هَذِه الْأمة قَائِم بِحجَّة الله، وَكَذَلِكَ استلزم رد مَا ورد " من أَن الله سُبْحَانَهُ يبْعَث لهَذِهِ الْأمة فِي رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا ".
وَمَعَ هَذَا فَكل طَائِفَة من طوائف الْمذَاهب الَّذين كدر مشارب مذاهبهم وجود هَؤُلَاءِ المقلدة الَّذين لَا يعْقلُونَ حجَّة، وَلَا يعْرفُونَ برهاناً، وَلَا يفهمون من الْعلم إِلَّا مُجَرّد صور وقفُوا عَلَيْهَا فِي مختصرات المفرعين، قد جعل الله سُبْحَانَهُ فيهم من الْعلمَاء المبرزين العارفين بِالْكتاب وَالسّنة وَبِمَا هُوَ كالمقدمة لَهما من الْعُلُوم الآلية وَغَيرهَا، عددا جماً كَمَا يعرف ذَلِك من يعرف أَخْبَار النَّاس ويدري بأحوال الْعَالم، وَفِيهِمْ من كمل الله سُبْحَانَهُ لَهُم عُلُوم الِاجْتِهَاد وفوقها، وَلَكنهُمْ امتحنوا بهؤلاء الصم الْبكم من المعاصرين لَهُم من مقلدة الْمذَاهب الَّذين اشْتَركُوا فِيهِ بِمُجَرَّد الانتماء إِلَيْهِ فغلبوهم على أنفسهم وصانعوهم وداروهم لما يخشونه من معرتهم ويتوقعونه من إغراء الْعَامَّة بهم.
فَمنهمْ من كتم اجْتِهَاد نَفسه، وَلم يسْتَطع أَن ينْسب إِلَى نَفسه الِاجْتِهَاد