وشيوخهم الْمدَارِس والجوامع وَلَا يرَوْنَ لشيخ علم الْكتاب وَالسّنة أثرا وَلَا خَبرا، فَإِن درس شيخ من شيوخهم فِي مدرسة أَو جَامع فَهُوَ فِي [زَاوِيَة] من زواياه يقْعد بَين يَدَيْهِ الرجل وَالرجلَانِ وهم فِي سكينَة ووقار لَا يلْتَفت إِلَيْهِم ملتفت، وَلَا يتطلع لأمرهم متطلع. فَمَاذَا [يرى] الْعَاميّ عِنْد هَذَا النّظر مَا ذَاك يخْطر بِبَالِهِ؟ ويغلب على ظَنّه؟ وَإِلَى من يمِيل، وَلمن يحكم بِالْعلمِ؟ وعَلى من يلقى مقاليد مَا ينوبه من أَمر دينه ودنياه؟ فلهذه النُّكْتَة احتجنا إِلَى هَذَا الْكَلَام فِي هَذَا الْمُؤلف وَغَيره من مؤلفاتنا. وَإِلَّا فهم أقل وأحقر من أَن يشْتَغل بشأنهم أَو يعبأ بِمَا يصدر منعم من الْجَهْل المكشوف، وَالَّذِي لَا يكَاد يلتبس على من لَدَيْهِ أدنى علم وَأَقل تَمْيِيز.
وَلَقَد كَانَ لي مَعَ هَؤُلَاءِ فِي أَيَّام الِاشْتِغَال بالدرس والتدريس وعنفوان الشَّبَاب، وحدة الحداثة قلاقل وزلازل جمعت فِيهَا رسائل وَقلت فِيهَا قصائد.
فَمن جملَة مَا خاطبتهم بِهِ مَا قلته من قصيدة:
(يَا ناقداً لمقال لَيْسَ يفهمهُ ... من لَيْسَ يفهم قل لي كَيفَ تنتقد)
(يَا صاعدا فِي وعور ضَاقَ مَسْلَكُها ... أيصعد الوعر من فِي السهل يرتعد؟)
(يَا مَاشِيا فِي فلاة لَا أنيس بهَا ... كَيفَ السَّبِيل إِذا مَا اغتالك الْأسد؟)
(يَا خائض الْبَحْر لَا يدْرِي سباحته ... وبلى عَلَيْك أتنجوا إِن علا الزَّبَدُ؟)
وَمِنْهَا:
(إِنِّي بُليت بِأَهْل الْجَهْل فِي زمن ... قَامُوا بِهِ وَرِجَال الْعلم قد تعدوا)