وَلَو كَانَ مثل هَذَا حجَّة فِي الِاقْتِدَاء بِمَا ينْقل عَنْهُم من الرَّأْي الرَّاجِع إِلَى الْكتاب وَالسّنة بِقِيَاس صَحِيح أَو نَحوه لَكَانَ ذَلِك خَاصّا بالصحابة للمزية الَّتِي [لَا يساويهم فِيهَا غَيرهم] وَلَا يلْحق بهم سواهُم، مَعَ أَنه قد وَقع الْإِجْمَاع من عُلَمَاء الْإِسْلَام جَمِيعًا أَن رأى الْعَالم عِنْد فقد الدَّلِيل إِنَّمَا هُوَ رخصَة لَهُ لَا يحل لغيره الْعَمَل بِهِ حَسْبَمَا قد بَيناهُ، فِي مؤلفاتنا بأتم بَيَان ونقلناه أصح نقل.
ثمَّ بعد اللتيا وَالَّتِي نقُول لهَذَا الْمُسْتَدلّ بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي لم يَصح: هَب أَنه صَحِيح فَهَل قلدت صحابياً أم غير صَحَابِيّ، وَعند ذَلِك يقف حِمَاره على القنطرة.
وَمثل هَذَا لَو اسْتدلَّ مستدل مِنْهُم بِحَدِيث " عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي ".
فَإِن المُرَاد بِهِ الِاقْتِدَاء بهم فِي أَقْوَالهم وأفعالهم، وَفِي عباداتهم، ومعاملاتهم، وهم لَا يوقعونها إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي أَخَذُوهُ من رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم، وعرفوه من أَفعاله وأقواله، وَقد كَانَ ذَلِك ديدنهم وهَجِيراهم لَا لَا يفارقونه قيد شبر، وَلَا يخالفونه أدنى مُخَالفَة.
فَهَذَا هُوَ المُرَاد بِالْحَدِيثِ على مَا فِيهِ من الْمقَال، فَإِن فِي إِسْنَاده مولى الرِّبعي وَهُوَ مَجْهُول، والمفضل الضَّبِّيّ وَلَيْسَ بِحجَّة.
ثمَّ بعد اللتيا وَالَّتِي نقُول للمستدل بذلك فَهَل قلدت أحد الْخُلَفَاء الرَّاشِدين أم قلدت غَيرهم؟ .