إمامك، أَو بيد من خَالفه، قُلْنَا: فَأخْبرنَا هَل أَنْت على قصورك وجهلك لَا يسعك، مَا وسع الْمُقَصِّرِينَ من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ؟ ؟ {} فقد كَانَ فيهم من هُوَ كَذَلِك.
فَإِن قلت: وَمَا كَانُوا يصنعونه إِذا احتاجوا إِلَى الْعَمَل فِي عبَادَة أَو مُعَاملَة؟ قُلْنَا: كَانُوا يسْأَلُون المشتهرين بِالْعلمِ عَن الشَّرِيعَة فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة، ويستروونهم النُّصُوص فيروونها لَهُم.
فَكُن كَمَا كَانُوا، واعمل كَمَا عمِلُوا. وَإِن قلت: لَا يسعك مَا وسعهم فَلَا وسع الله عَلَيْك. وستعلم سوء مغبة مَا أَنْت فِيهِ وخسار عاقبته وَلَا يظلم رَبك أحدا.
وَقد احْتج بعض مقصري المقلدة لجَوَاز التَّقْلِيد بِحَدِيث " أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ ".
وَهَذَا الحَدِيث لم يَصح عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم، كَمَا هُوَ مَعْلُوم عِنْد أهل هَذَا الشَّأْن، فقد اتَّفقُوا على أَنه غير ثَابت، وَلَو سلمنَا ثُبُوته تنزلا فَمَعْنَاه ظَاهر وَاضح، وَهُوَ الِاقْتِدَاء بالصحابة فِي الْعَمَل بالشريعة الَّتِي تلقوها عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم، وأخذوها عَنهُ، فَمن اقْتدى بِوَاحِد مِنْهُم فِيمَا يرويهِ مِنْهَا عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم فقد اهْتَدَى ورشد وَدخل إِلَى الشَّرِيعَة من الْبَاب الَّذِي يدْخل إِلَيْهَا مِنْهُ.
وَلَيْسَ المُرَاد الِاقْتِدَاء بِهِ فِي رَأْيه فَإِنَّهُم رَضِي الله عَنْهُم لَا أرى لَهُم يُخَالف مَا بَلغهُمْ من الشَّرِيعَة قطّ.