ونستعظم القول بالتفكير، لأنه يحتاج إلى أمرين عزيزين أحدهما: تحرير المعتقد وهو صعب من جهة الاطلاع، على ما في القلب، وتخليصه عما يشبهه وتحريره، ويكاد الشخص يصعب عليه تحرير اعتقاد نفسه، فضلا عن غيره.
الأمر الثاني: الحكم بأن ذلك كفر وهو صعب من جهة صعوبة علم الكلام، ومأخذه، وتميز الحق فيه من غيره، وإنما يحصل ذلك لرجل جمع صحة الذهن ورياضة النفس واعتدال المزاج، والتهذيب بعلوم النظر، والامتلاء من العلوم الشرعية، وعدم الميل والهوى، وبعد هذين الأمرين يمكن القول بالتكفير أو عدمه، ثم ذلك إما في شخص خاص وشرطه مع ذلك اعتراف الشخص به، وهيهات يحصل ذلك وأما البينة في ذلك فصعب قبولها لأنها تحتاج في الفهم إلى ما قدمناه فإن حصل ذلك أو حصل إقرار عمل بمقتضاه، وإما في فرقة، فإنما يقال ذلك من حيث العلم الحملي، وإما على ناس بأعينهم فلا سبيل إلى ذلك غلا بإقرار أو بينة، ولا يكفي أن يقال هذا من تلك الفرقة، لأنه مع/ الصعوبة من جهة ما قدمناه يتطرق إليه شيء آخر، وهو أن غالب الفرق عوام لا يعرفون الاعتقاد وإنما يحبون مذهبا، فينتمون إليه، من غير إحاطة بكنهه، فلو أقدمنا على تكفيرهم جر ذلك فسادا عظيما باطلا، وبهذا يجاب عن قول النووي.
لو كان المراد الكفر المخرج عن الملة لقتلوا أو قوتلوا فيجاب بأن ذلك