إلا أن تكون شهادة على شهادة، فتبين بشروطها، وإن كانا لثالث، فيقبل وفيه احتمال وقد قال الشافعي في (المختصر) فإن شهد شاهدان، أن الهلال رئى قبل الزوال، أو بعده فهو لليلة المستقبلة.

فإن تمسكا بهذا اللفظ اقتضى قبول الشهادة بأنه رئى وهو محتمل، ولعل سببه إخبار جمع يحصل العلم أو الظن، بقولهم إنهم رأوه، فيعتمدهم الشاهد، ولم أر الأصحاب تعرضوا، لأن ذلك مما يشهد فيه بالاستفاضة، ولا شك أن أصل الشهر، والعام إنما علم بالتواتر، فإن هذا الشهر الذي رأينا هلاله، كونه شهر رمضان، إنما علم بالتواتر، المعلوم بالضرورة/، خلفا عن سلف إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله أي شهر هذا ليس ذا الحجة، وبينا عليه شهرا بعد شهر، وعامًا بعد عام، وإلى وقتنا هذا، وكذا كون هذا البلد هو البلد الفلاني، إنما يثبت بالتواتر.

وإذا نظرنا إلى الأشياء التي سوغ الفقهاء الشهادة فيها بالاستفاضة، تجدها أمورا لا يمكن إدراكها بالحس، كالنسب، والملك، والموت. أما ما يدرك بالحس كالعقد، والإقرار، فلا يثبت بالاستفاضة ورؤية الهلال تدرك بالحس، وبالخبر عن جمع عظيم، فإن صرح الشاهد أنه رأى قبل، وإن قال أشهد برؤيته كان قوله برؤيته محتملا، لكنا نحمله على رؤية نفسه، بقرينة قوله: أشهد، فإنها مشتقة من الشهادة بمعنى المشاهدة واستقرت في الشرع على ذلك، فلابد إذا أطلقت فيما يدرك بالحس أن تكون عن معاينة حتى لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015