وقفت عليه قبل ذلك، وإنما قلته تفقها، ونص ما قلته في شرح المهذب، فرع: حديث في الأعصار القريبة، وقف كتب يشترط الواقف أن لا يعار إلا برهن، أو لا يخرج من مكان تحبيسها إلا برهن، أو لا تخرج أصلا.

والذي أقول في هذا: أن الرهن لا يصح بها، لأنها عين مأمونة في يد موقوف عليه، ولا يقال لها عارية أيضا، بل الآخذ لها إذا كان من أهل الوقف مستحق للانتفاع، ويده عليها يد أمانة، فشرط أخذ الرهن عليها فاسد، وإن أعطاه كان رهنا فاسدا، وتكون في يد خازن الكتب أمانة، لأن فاسد العقود في الضمان كصحيحها، والرهن أمانة، هذا إذا أريد الرهن الشرعي، وإن أريد مدلوله لغة، وأن يكون تذكرة، فيصح الشرط، لأنه غرض صحيح، وإذا لم يعلم مراد الواقف، فيحتمل أن يقال: بالبطلان في الشرط المذكور حملا على المعنى الشرعي ويحتمل أن يقال بالصحة حملا على اللغوي، وهو الأقرب، تصحيحا للكلام ما أمكن، فإذا قال لا يخرج إلا برهن، وحملنا الرهن على المعنى اللغوي، صح الشرط، وجاز إخراجها به، ولم يجز بدونه، وإن حملناه على المعنى الشرعي لم يجز إخراجها به لتعذره ولا بدونه، إما لأنه خلاف شرط الواقف، وإما لفساد الاستثناء، فكأنه قال: لا يخرج مطلقا، ولو قال ذلك: صح، لأنه شرط فيه غرض صحيح، لأن إخراجها مظنة ضياعها، بل يجب على ناظر الوقف أن يمكن كل من يقصد الانتفاع بتلك الكتب في مكانها وفي بعض الأوقاف يقول لا يخرج إلا بتذكرة، وهذا لا باس به، ولا وجه لبطلانه، وهو كما حملنا عليه قوله: إلا برهن، في المدلول اللغوي فيصح، ويكون المقصود أن تجويز الواقف/ الانتفاع لمن يخرج به مشروط، بأن يضع في خزانة الكتب ما يتذكر هو به إعادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015