فالملاطفة مع العالم أدب؛ لأنه أفضل منك، فهو معه علم وأنت أقل منه، قال الله عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9]
صلى الله عليه وسلم لا.
فالذين يعلمون شيء والذين لا يعلمون شيء آخر، ولذلك جعل الله عز وجل أولي العلم من الشهداء على وحدانيته مع الملائكة، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19] قدم العلم، {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} ، فالعالم لأجل هذا يرفع.
وكان الحافظ ابن حجر العسقلاني أحد حفاظ الدنيا ممن أنجبتهم مصر كان له شيخ يسمى الحافظ العراقي، كان إذا أراد ابن حجر -صاحب كتاب فتح الباري- أن يسأل العراقي مسألة يقف بين يديه ويقول: ما يقول سيدي في كذا وكذا.
ولا يقولن رجل: هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم لما قال له الصحابة: (أنت سيدنا قال: السيد الله) فإن قول ابن حجر لا يخالف هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: (قوموا إلى سيدكم) وكان سعد بن معاذ قدم راكباً على دابة، فقال لهم (قوموا إلى سيدكم) .
فيقول له: ما يقول سيدي في كذا وكذا، حتى لا يوغر صدر العالم عليه، ولا يناديه بكاف الخطاب ولا تاء الخطاب فيقول له: أنت، كما لو كان شخصاً عادياً، إنما يوقره ويحترمه ويرفعه، فيقول موسى للخضر: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف:66] .