من أجل ذلك؛ لا يجوز للمسلمين اليوم أن يتركوا العمل للإسلام وإقامة دولته على وجه الأرض؛ انتظاراً لخروج المهدى ونزول عيسى عليهما الصلاة والسلام؛ يأْساً منهخم؛ أو توهماً أن ذلك غير ممكن قبلهما ّ فإن هذا توهم باطل، ويأس عاطل، فإن الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يخبرنا أن لا عودة للإسلام ولا سلطان له على وجه الارض إلا فى زماكنهما، فمن الجائز أن يتحقق ذلك قبلهما إا أخذ المسلمون بالإسباب الموجبة لذلك؛ لقوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، وقوله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].
ولقد كان هذا التوهم من أقوى الأسباب التى حملت بعض الأساتذة المرشدين والكُتّاب المعاصرين على إنكار أحاديث المهدى وعيسى عليهما السلام -على كثرتها وتواترها-لما رأوا أنها عند المتوهمين مدعاة للتواكل عليها وترك العمل لعز الإسلام من أجلها! فأخطؤوا فى ذلك أشد الخطأ من وجهين:
الأول: أنَّهم أقروهم على هذا التوهم؛ على اعتبار أن مصدره تلك الأحاديث المشار إليها؛ وإلا لم يبادروا إلى إنكارها!
والآخر: أنهم لم يعرفوا كيف ينبغى عليهم أن يعالجوا التوهم المذكور؟ وذلك بإثبات الأحاديث، وإبطال المفاهيم الخاطئة من حولها، وما مثلهم فى ذلك إلا كمثل من أنكر عقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره؛ لأن بعض المؤمنين به فهموا منه أن لازمه الجبر، وأن المكلَّف لا كسب له ولا اختيار، ولما كان هذا الفهم باطلاً بداهة ساعروا إلى إنكاره، ولكنهم أنكروا مَعَهُ القدر أيضا؛