كانت عذرية إليزابث هي السلاح الخفي في دبلوماسيتها. وهذا بطبيعة الحال تفصيل ثانوي عويص يجدر بالمؤرخين ألا يزعموا التيقن منه، أو لنكن نزاعين إلى الثقة، مثل سير والتر رالي حين يطلق الاسم على مستعمرة ويعينها بذاتها. ولقد ساورت سيسل بعض شكوك عابرة عندما لاحظ عبث إليزابث الطويل الأمد مع لستر ومغازلتهما. ولكن سفيرين أسبانيين لا يتورعان ولا يجدان حرجاً في تشويه سمعة الملكة، انتهيا إلى أنها شريفة (20). وذكرت الإشاعات التي انتشرت في البلاط-كما رواها بن جونسون لدروموند هوثورندن- " أن فيها غشاء يجعلها غير أهل لمعاشرة الرجال، ولو أنها حاولت مع كثير منهم لمجرد اللهو والمرح .... " وأخذ جراح فرنسي على عاتقه أن يستأصله، ولكن الخوف منعها من ذلك (21). وكتب كاندن في حولياته 1615: "صب الناس اللعنات على هويك Huic طبيب الملكة لأنه ثبط همتها في الزواج بسبب عائق وعاهة فيها (22) ". غير أن البرلمان الذي توسل إليها مراراً لتتزوج، افترض قدرتها على الحمل، ولقد مني معظم ملوك آل تيودور بالإخفاق في هذه الناحية: فيحتمل أن تكون مصائب كاترين أوف أراجون في الولادة ترجع إلى داء الزهري الذي أصيب به هنري الثامن، ومات ابنه إدوارد في سن الشباب نتيجة علة كريهة الوصف. وحاولت ابنته ماري محاولة شديدة أن يكون لها طفل، وكل ما حدث أنها ظنت أن داء الاستسقاء حمل، وعبثت إليزابث ما شاءت، ولكنها لم تجرؤ على الزواج، وقالت: "لقد كنت أنفر منه دائماً". وأعلنت منذ 1559 عزمها على أن تبقى عذراء (23). وفي 1566 وعدت البرلمان: "سوف أتزوج حالما أرى الوقت المناسب .... وآمل أن يكون لي أطفال (24) ". ولكن في نفس العام، عندما أنبأها سيسل أن ماري ستيوارت أنجبت طفلاً، كادت إليزابث تذرف الدموع وقالت: "أن ملكة الاسكتلنديين أم لابن جميل، أما أنا فلست إلا أرضاً مجدبة (25) ". وهنا ولفترة وجيزة، كشفت عن حزنها المقيم-لأنها لم تستطع أن تحقق أنوثتها.