قصه الحضاره (صفحة 8825)

ونفذت إلى حكمه الطويل حركتان أساسيتان، وكانت أعظمهما نمو القومية في عهد ملكيات تنزع إلى المركزية، وفي هذه لم يكن له فيها نصيب. وأعظمها من الناحية الدرامية ثورة دينية، حفزت إليها الانقسامات والمصالح القومية والإقليمية. وقبلت شمالي ألمانيا وإسكنديناوة اللوثرية، أما جنوب ألمانيا وسويسرة والأراضي المنخفضة فقد انقسمت إلى طائفتين بروتستانتية وكاثواليكية، وأضحت إسكوتلندة كاللفينية مشيخية، وإنجلترا كاثوليكية أنجيلكانية أو بيوريتانية كالفينية. وظلت إيرلندة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال موالية لبابوية بعيدة أو مهذبة. ومع ذلك نشأ تكامل واهٍ، وسط ذلك الانقسام المزدوج: فقد وجدت الولايات المستقلة المعتزة بنفسها أنها في حاجة إلى بعضها البعض، لضمان استقلالها، كما لم يحدث من قبل، وأنها مرتبطة بصورة متزايدة في نسيج اقتصادي، وأنها تؤلف مسرحا رحيباً لمناهج سياسية متشابكة العلاقات، وحروب وقانون بأدب وفن. كانت أوربا التي عرفها شبابنا تتخذ شكلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015