قصه الحضاره (صفحة 8548)

وغنم فرانسيس من هذا الاقتصاد، على غرار ما كانت تفعله الحكومات، دخولاً وصلت إلى الحد الذي يدفعه إلى التسامح. وكانت ضريبة الملك أو السيد، التي تفرض على الرءوس والأموال، تثقل كاهل الجميع، ما عدا النبلاء ورجال الدين، وكان الأخيرون يدفعون للملك ضرائب عشور ومنحاً كنسية، أما النبلاء فكانوا يقدمون الفرسان ويجهزونهم، وكان هؤلاء الفرسان لا يزالون عماد الجيوش الفرنسية وقوتها الضاربة. وتلقى فرانسيس درساً من البابوات فباع - وأنشأ للبيع - ألقاباً للنبلاء ومناصب سياسية. وبهذا كون الأغنياء الجدد على الأيام طبقة أرستقراطية جديدة (كما حدث في إنجلترا)، وأسس المحامون بشرائهم للمناصب، بيروقراطية قوية كانت تدير حكومة فرنسا - وأحياناً بغير علم الملك.

ولم يجد الملك بسبب انهماكه في الملذات وقتاً كافياً يدير فيه شئون الحكم، فأناب عنه في تولي مهامه، حتى في رسم سياساتها، رجالاً مثل أمير البحر بونيفيه وآن دي مونمورنسي والكردينالين دوبرا ودي تورنون والفيكونت دي لوتريك. وكانت هناك ثلاثة مجالس تعاون هؤلاء الرجال والملك وتشير عليهم بالرأي، وهي: مجلس خاص من النبلاء، ومجلس أخص للشئون، ومجلس موسع ينظر في طلبات الاسترحام المقدمة إلى الملك. وفيما عدا هذا كان المجلس النيابي في باريس، ويتألف من 200 عضو من العلمانيين ورجال الدين، يعينهم الملك مدى الحياة، بمثابة محكمة عليا. وكان له الحق في الاعتراض عليه عندما يرى أن مراسيمه تتعارض مع قوانين فرنسا الأساسية، وكانت مراسيمه تظل تفتقر إلى قوة القانون إلى أن تقوم هذه الهيئة القديمة بـ "تسجيلها"- بل بالتصديق عليها في واقع الأمر.

ولما كان المحامون والشيوخ يغلبون على المجلس النيابي في باريس، فقد أصبح الجهاز القومي السياسي للطبقات الوسطى وأضحى- بعد السوربون-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015