قصه الحضاره (صفحة 8547)

أو استيراد المعادن الثمينة إلى تيسير دفع المكوس المالية التقليدية، وأتاحت للفلاحين إمكان شراء الأرض رخيصة من الملاّك الأثرياء والنبلاء الفقراء، ومن ثم انتشر في الريف رخاء أشاع المرح في نفس الفلاح الفرنسي وجعله يتشبث بعقيدته الكاثوليكية، بينما كان الفلاح الألماني يقوم بثورة اقتصادية ودينية، وحفزت الملكية الطاقة الفرنسية فجنت من الأرض أفضل أنواع القمح والكروم في أوربا، وسمنت الماشية وتضاعف عددها، وكان اللبن والزبد والجبن يقدم على كل مائدة، والدجاج وغيره من الدواجن تربى في كل فناء تقريباً، وتقبل الفلاح الرائحة المنبعثة من حظيرة خنازيره كما لو كانت شذى مباركاً من أعراف الحياة.

أما العامل في المدينة - وهو في الغالب صانع ماهر يعمل في حانوته - فلم يكن له نسبياً نصيب من هذا الرخاء، لقد أدى التضخم إلى سرعة ارتفاع الأسعار بصورة تفوق زيادة الأجور، وساعدت التعريفات الجمركية التي فرضت لحماية السلع المحلية والاحتكارات الملكية، مثل استخراج الملح، على ارتفاع نفقات المعيشة. وأضرب العمال المتذمرون، ولكنهم جميعاً، على وجه التقريب، لم يظفروا إلا بالفشل والخيبة. وحرم القانون على العمال الاتحاد لأغراض اقتصادية. وكانت القوافل التجارية تنتقل متراخية على طول النهار الفياضة وتسير بصعوبة على طول الطرق السيئة، وتدفع لكل سيد ضريبة للمرور في أملاكه، وكانت ليون التي تلتقي فيها تجارة البحر الأبيض المتوسط القادمة صعوداً من الرون بسيل البضائع القادمة من سويسرة وألمانية، تعد ثاني مدينة بعد باريس في الصناعة الفرنسية، والثانية بعد أنتورب باعتبارها سوقاً للأوراق المالية أو مركزاً للاستثمار والتمويل. وكانت التجارة تنطلق من مارسيليا، وتجوب البحر الأبيض المتوسط، وتجني الربح بفضل العلاقات الودية التي جرؤ فرانسيس على الاحتفاظ بها مع سليمان والأتراك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015