قصه الحضاره (صفحة 8223)

أبولو بعض الشيء في تلك السنوات. وقد وصفه أحد أصدقائه في اعتزاز بقوله: له جسم رائع متين البناء معتدل القوام جدير بما يحمله من عقل نبيل ... وجه ذكي الملامح وعينان تلمعان وجيد طويل وصدر عريض وخصر نحيل ومنكبان قويان وساقان ثابتتان، أما يداه ففي وسعك أن تقول إنك لم تر قط يدين تبزهما في الرشاقة. أما حديثه فعذب شائق حتى ليتمنى المرء ألا ينتهي أبداً.

واجتذبته أعمال الحفر التي قام بها شونجاور فاتخذ طريقه إلى كولمار (1492) وإذا به يجد الأستاذ قد مات فتعلم قدر المستطاع من إخوة شونجاور ثم رحل إلى بازل حيث تعلم من جرونيفالد أسرار الفن الديني الخالص وكان قد أصبح رساماً بارعاً. وتحمل طبعة من رسائل سان جيروم نشرت في بازل عام 1492 على صفحتها الأولى صورة شخصية للقديس رسمها ديرر، ونالت هذه الصورة استحسان النقاد حتى تنافس ناشرون عديدون للحصول على أعماله المستقبلية. ومهما يكن من أمر فإن أباه حثه على العودة للوطن ليتزوج من الفتاة التي اختارها له إبان غيابه. وعاد إلى نورمبرج واستقر هناك وعاش مع زوجته أجنس فراي (1494).

وقد رسم نفسه قبل ذلك في صورة شاب يرتدي زياً يكاد يكون زي امرأة ويصفف شعره مثلها تقريبا، معتزاً بنفسه وخجولاً في الوقت ذاته يرتاب في العالم ويتحداه، وفي عام 1498 وكان لا يزال معجباً بوسامته ولحيته أيضاً رسم لنفسه صورة شخصية في زي نبيل شاب يرتدي ملابس فاخرة وعلى رأسه قلنسوة لها شرابة تبرز منها خصل طويلة من الشعر البني، وتعد هذه اللوحة من أعظم الصور الشخصية التي رسمها فنان لنفسه في جميع العصور. ورسم نفسه مرة أخرى عام 1500 في ملابس أكثر بساطة والوجه مستطيل بين خصل غزيرة من الشعر تتهدل فوق الكتفين، وفي العينين النافذتين بريق غامض ويبدو أن ديرر رسم نفسه هنا في صورة خيالية تشبه صورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015