على الكبح والاحتجاز التي كانت عند اليونان والرومان الأقدمين، كما كان يعوزه الشعور بتناسب الأجزاء؛ فقد جعل الكتفين أعرض مما يوائم الرأس، وجعل الجذع أقوى مما يناسب الأطراف، كما جعل الأطراف نفسها معقدة بالعضلات، كأن الآدميين والأرباب جميعاً مصارعون متوترة عضلاتهم من شدة الكفاح، ولا يسعنا إلا أن نعترف أن فن الأسلوبين أو النمطين (?) وتشويه الرسوم قد بدأ بهذه المغالاة المسرحية في الجهود العضلية والانفعالات النفسية.
ولم يوجد ميكل أنجيلو مدرسة خاصة كما أوجد رافائيل؛ ولكنه دري طائفة من الفنانين الممتازين، وكان له عليهم نفوذ قوي شامل، وكان من تلاميذه ججليلمو دلا بورتا Guglelmo della Porta الذي صمم لبولس الثالث في كنيسة القديس بطرس تابوتاً لا يكاد يقل روعة عن مقابر آل ميديتشي، غير أن من خلفوا أنجيلو من رجال النحت والتصوير قلدوه في مغالاته دون أن يعوضوا هذا العيب بعمق التفكير والشعور، وبالتفوق في أصول الصنعة، والحق أن الفنان العظيم هو في العادة الذروة العليا للتقليد، وأسلوب، ونمط، ومزاج تاريخي، وتفوقه نفسه تنتهي به سلسلة من التطورات لا يبقى بعده شيء منها؛ ولهذا تأتي من بعده لا محالة فترة من المحاكاة الضعيفة والاضمحلال، ثم يبدأ مزاج جديد وتقليد جديد في النماء، ونرى فكرة جديدة، ومثلا أعلى جديداً، أو أصولا للفن جديدة تكافح مستعينة بمائة من التجارب الغريبة كي تصل إلى نظام جديد، وإلى شكل أصيل يتكشف عن طراز جديد.
وعلينا أن نقول كلمة أخرى تتسم من جانبنا بالخضوع والتواضع، تلك هي أن الأوساط منا نحن الآدميين، حتى في الوقت الذي يضعون فيه أنفسهم موضع الحكام على الصفوة الممتازين، يجب ألا تعوزهم فضيلة