عشرة آلاف تالنت من الذهب (?)، إذا رد إليه أمه وزوجته وابنتيه، وأن يزوجه ابنته، وأن يعترف له بالسيادة على جميع بلاد آسية الواقعة في غرب الفرات، وأنه لا يطلب إليه في نظير هذا كله إلا أن يأمر الإسكندر بوقف القتال وأن يتخذه صديقاً له. وقال بارمنيو القائد الثاني لجيوش اليونان أنه لو كان الإسكندر لقبل هذه العروض الطيبة مسروراً بشرفه من شر هزيمة قد تكون ساحقة. فما كان جواب الإسكندر إلا أنه لو كان هو برمنيو لقبل هذه العروض، أما وهو الإسكندر فقد رد على دارا بأن عروضه لا معنى لها، لأنه (أي الإسكندر) يمتلك بالفعل ما يعرضه عليه من بلاد آسية، ولأن في وسعه أن يتزوج ابنة الإمبراطور متى شاء. ووجد دارا أن لا أمل له في عقد الصلح مع هذا المنطق المستهتر، فوجّه همه على كره منه لجمع جيش آخر أكبر من جيشه الأول.
وكان الإسكندر في أثناء ذلك قد استولى على صور، وضم مصر إلى أملاكه، ثم اخترق إمبراطوريته العظيمة متجهاً نحو حواضرها النائية. وبعد مسيرة عشرين يوماً بعد بابل وصل جيشه إلى مدينة السوس، واستولى عليها دون أن يلقى مقاومة، ثم تقدم إلى برسبوليس بسرعة لم تمكن حراس الخزائن الملكية من إخفاء ما فيها من أموال. وفيها أتى الإسكندر عملاً يعد وصمة عار في حياته الحافلة بجلائل الأعمال، وأتاه رغم نصيحة برمنيو ليكسب بذلك- كما يقول مؤرخوه- رضاء تييس إحدى سراريه (?). ذلك أنه أحرق قصور برسبوليس عن آخرها، وأباح لجنوده نهب المدينة. فلما أن رفع روح جنوده المعنوية بما أباح لهم من السلب، وبما أغدقه عليهم من العطايا، اتجه نحو الشمال ليلقى دارا لآخر مرة.
وكان دارا قد جمع من الولايات الفارسية- وخاصة من ولاياته الشرقية-