قصه الحضاره (صفحة 6658)

أو القنوات، أو البحار. وكان الأغنياء يسافرون على ظهور الخيل أو في مركبات تجرها الخيول، وكانت سرعتها معتدلة ولكنها مثيرة للمشاعر، وكان الانتقال من بيروجيا إلى أربينو وهي مسافة تبلغ أربعة وستين ميلاً يستغرق يومين ويتطلب أن يكون المسافر صلب العود، وقد يحتاج الانتقال في قارب من برشلونة إلى جنوى أربعة عشر يوماً. وكانت النزل كثيرة العدد عظيمة الصخب، قذرة، غير مريحة. وكان منها واحد في بدوا يتسع لمائة ضيف ومائتي حصان، وكانت الطرق وعرة شديدة الخطر، والشوارع الرئيسة في المدن مرصوفة بالبلاط، ولكنها لم تكن تضاء أثناء الليل إلا نادرا. وكانت المياه النقية تأتي إلى المدن من جبال، وقلما كانت توصل إلى بيوت الأفراد، بل كانت تصل عادة إلى نافورات عامة بديعة التصميم يجتمع حول مياهها الباردة المنعشة الساذجات من النساء والعاطلون من الرجال ليتناقلوا أخبار اليوم.

كان يحكم دول المدن التي تقتسم شبه الجزيرة في بعض الأحيان - كما حدث في فلورنس، وسيناء، والبندقية - أقلية من التجار ذوي المال، ولكن أكثر من كانوا يحكمونها هم "المستبدون" على اختلاف درجات استبدادهم. وكان هؤلاء قد حلوا محل الأنظمة الجمهورية أو أنظمة القومونات (?)، بعد أن أفسدها استغلال الطبقات وأعمال العنف السياسية. فكان يبرز من تنافس الأقوياء رجل - يكاد يكون على الدوام وضيع النشأة- يخضع سائر المتنافسين، أو يبيدهم أو يستأجرهم، وينصب نفسه حاكماً مطلقاً، ويورث من يخلفه سلطته في بعض الأحيان. هكذا كان يحكم آل فسكونتي، وأسفوردسا في ميلان، والأسكاليجير Scaliger في فيرونا، وآل كراريسي Carraresi في بدوا، والجندساجا Sonzaga في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015