قصه الحضاره (صفحة 6339)

الجريجوري وباخ رضي الله عنهach. كذلك كان بترارك وارثاً لدانتي وشعراء الفروسية الغزلين، كما كان بوكاشيو قصاصاً إيطالياً جواباً. وقد ظلت الروايات الغرامية مزدهرة في أوربا أثناء النهضة على الغم من كتاب دن كيشوت، وبلغت أساليب كريتيان ده تروي Chretien de Troyes حد الكمال على يد مالوري Malory. وكانت بداية "إحياء الآداب" في مدارس العصور الوسطى؛ وكل ما امتازت به النهضة في هذه الناحية أنها وسعت دائرة هذا الإحياء حتى شملت الآداب اليونانية بعد أن كان مقصوراً على اللاتينية، وأنها نبذت الفن القوطي لتنهض بالفن اليوناني. لكننا يجب ألاّ ننسى أن نقولو بيزانو Niccolo Pisano اتخذ فن النحت اليوناني في القرن الثالث عشر نموذجاً له ينسج على منواله، ولمّا أن جاء كريسلوراس Chrysoloras باللغة اليونانية وآدابها إلى إيطاليا (1393)، كان لا يزال باقياً من عمر العصور الوسطى مائة عام كاملة.

وكان الدين الذي شاد الكنائس الكبرى وألّف الترانيم الجميلة هو الدين السائد في إيطاليا، وأسبانيا، وفرنسا في عهد النهضة مع فارق واحد، وهو أن الكنيسة الإيطالية، التي كان لها نصيب كبير في ثقافة ذلك الوقت، وهبت العقل الإيطالي حرية في التفكير ولدت في جامعات العصور الوسطى، وظلت باقية، بشرط أن يكون مفهوماً فهماً ضمنياً أن يسير الفلاسفة والعلماء في بحوثهم دون أن يحاولوا القضاء على دين الجماهير.

ومن أجل هذا لم تشترك إيطاليا ولا فرنسا في حركة الإصلاح الديني، بل انتقلتا من ثقافة القرن الثالث عشر الكاثوليكية إلى ثقافة القرنين الخامس عشر والسادس عشر "الإنسانية"، ثم انتقلتا من هذه الثقافة الأخيرة إلى عصر الاستنارة في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وكان هذا الاطراد المستمر مضافاً إلى تجارة البحر المتوسط قبل كشوف كولمبس هي التي أكسبت الشعوب اللاتينية ميزة ثقافية مؤقتة على الأمم الشمالية التي اجتاحتها الحروب الدينية، والتي كان لها فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015