إلى ترجمة بل كان ينتقل من قطر إلى قطر بسرعة وحرية غير معروفتين في هذه الأيام، كما كان الطلاب ينتقلون من جامعة إلى جامعة دون أن تصادفهم عقبات اللغة، وكان في وسع العلماء أن يحاضروا باللغة نفسها في بولونيا، وسلمنقة، وباريس، وأكسفورد، وأبالا Uppsals، وكولوني. ولم يكونوا يترددون في استعارة كلمات جديدة وضمها إلى اللاتينية، وإن كان ذلك يزعج في بعض الأحيان الآذان التي اعتادت سماع لغة بترارك وشيشرون. وهكذا يستخدم العهد الأعظم الإنجليزي Magna Carta لفظي dessaiaiatus و imprisonatus حين يقول إنه لا يصلح أن "يقبض" على رجل حر أو "يسجن". وأمثال هاتين الكلمتين ثقيلة الوقع على آذاننا، ولكنها قد أبقت اللغة اللاتينية حية؛ وإن كثيراً من الألفاظ الإنجليزية الحديثة - مثل instance، و substantive و essence و entity (?) - لتنحدر من الكلمات التي أضيفت إلى اللغة اللاتينية في العصور الوسطى.
غير أن انفصام الصلات الدولية الذي أدى إليه سقوط روما، وانتشار الفاقة في العصور المظلمة انتشاراً أدى إلى انطواء الناس على أنفسهم، وفساد الطرق وكساد التجارة، كل هذا أوجد في الكلام تلك الاختلافات التي ما لبثت أن اتسعت بسبب عزلة المتحدثين بها عن بعض. بل إن اللغة اللاتينية كانت تعاني في أوج عزها بعض التغيرات الناشئة من اختلاف المناخ وأساليب المنطق المترتبة على تركيب أعضائه، وكانت قد تبدلت في موطنها الأصلي نفسه.
وكان موت الأدب قد أفسح الميدان لمفردات الرجل العامي وتراكيبه جمله، وهي مفردات وتراكيب كانت تختلف دائماً عن أقوال الشعراء والخطباء. وجاء تدفق الألمان، والغاليين، واليونان، والأسيويين على إيطاليا باختلافات كثيرة في النطق، وتخلص اللسان والعقل الكسولان بفطرتهما مما في الحديث الفصيح