كل ما تتطلبه اليد أو الإصبع، أو القدم، وكل ما يحتاجه لضبط الأوتار. وكانت بعض هذه الآلات قد بقيت من أيام اليونان وجاء بعضها الآخر، بصورته واسمه، من بلاد الإسلام كالرق والناي والقيثارة؛ وكانت الآلة العادية للمغني الجائل هي الكمان الصغيرة، وهي آلة كالكمان قصيرة يعزف عليها بقوس الرامي منحنية الظهر. وكان أكثر أنواع الأرغن انتشاراً قبل القرن الثامن هو الأرغن المائي، ولكن جيروم وصف في القرن الرابع أرغناً هوائياً (17)، وكتب بيدي يصف أرغناً ذا أنابيب من الشبه تملأ بالهواء من منفاخ ويصدر منه نغمات فخمة حلوة إلى أقصى حد" (18). وقد اتهم القديس دنستان St. عز وجلunston (925؟ -988؟) بالسحر حين صنع قيثاراً يعزف إذ وضع ثقب في جدار (19)، ووضع في كثدرائية وستمنستر حوالي عام 950 أرغن ذو ستة وعشرين منفاخا، وأثنين وأربعين نافخاً لهذه المنافيخ، وأربعمائة أنبوبة، وكانت منافيخه ضخمة ضخامة تضطر العازف إلى أن يضربها بقبضات تحميها قفازات ذات بطانات سميكة (20). وكان في ميلان أرغن أنابيبه من الفضة، وفي البندقية أرغن ذو أنابيب من الذهب (21).
وبعد فإن كل ما يبعثه وصف العصور الوسطى للجحيم من رهبة قي النفس ليفني إذا ما نظر الإنسان إلى مجموعة الآلات الموسيقية في تلك العصور. وإن الصورة التي تبقى لدينا من ذلك الوقت لهي صورة قوم لا يقلون عنا سعادة إن لم يزيدوا علينا، يستمتعون بمرح الحياة ومطامعها، لا ينوء بهم الخوف من نهاية العالم أكثر مما تنؤ بنا شكوكنا هل تدمر الحضارة وتفنى قبل أن كتابة تاريخها؟