قصه الحضاره (صفحة 5976)

وما من شك أن هذه الأغنية وأمثالها توائم المغنين الجوالين الذين كانوا يتنقلون من بلدة إلى بلدة، ومن بلاط إلى بلاط، بل قطر إلى قطر. فنحن نسمع عن مغنين من هذا النوع يأتون من القسطنطينية ليغنوا في فرنسا، وعن آخرين من إنجلترا يغنون في أسبانيا. وكان وجود هؤلاء المغنين وقيامهم جزءاً معتاداً في كل وليمة رسمية. فقد استخدم إدوارد الأول ملك إنجلترا (426) مغنيا في احتفال بزواج ابنته مرجريت (13). وكثيراً ما كانت هذه الجماعات من المغنين تنشد أغاني مجزأة كما كانت في بعض الأحيان معقدة تعقيداً غير مألوف. وكانت هذه الأغاني يؤلفها عادة-ألفاظها وموسيقاها- شعراء غزلون في فرنسا وآخرون مثلهم في إيطاليا وألمانيا (?). وكان معظم الشعر في العصور الوسطى يكتب لكي يغنى، وفي ذلك يقول فلكيه Folquet الشاعر الغزلي الفرنسي: إن القصيدة بغير الموسيقى كطاحون بلا ماء" (14). ولدينا في هذه الأيام موسيقى لمائتين وأربع وستين من الأغاني الباقية للشعراء الغزلين البالغ عددها 2600. وتتألف هذه الموسيقى في العادة من نغمة متتابعة ذات مقطع واحد ووصلات على مدرج من أربعة خطوط أو خمسة. وأكبر الظن أن شعراء أيرلندة وويلز كانوا يغنون ويعزفون على آلات.

وإن كثرة الآلات الموسيقية واختلافها في العصور الوسطى يثير الدهشة: فآلات القرع- كالأجراس، والصنوج، والدفوف، والمثلث الموسيقي، والطبلة-والآلات الوترية-كالقيثارة على اختلاف أنواعها، والربابة، والعود، والكمان الأصغر، وذات الوتر الواحد وغيرها، وآلات النفخ، كالصفارة، والناي، والمزمار، والآلة القربة، والنفير، والبوق والقرن، والأرغن، هذه أمثلة اخترناها من مئات. لقد كان لدى أهل تلك الأيام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015