إعادة إكسرخسية (?) برافنا إلى البابوية. واتخذ أتو الخطوة المتطرفة الجريئة فزحف على روما، وعقد مجلساً دينياً من الأساقفة، وأقنعه بوجوب خلع يوحنا وتنصيب رجل من غير رجال الدين بابا مكانه باسم ليو الثامن (963). واقتصرت أملاك البابلي وقتئذ على دوقية روما وإقليم سابينا، واندمجت بقية إيطاليا الوسطى والشمالية في إمبراطورية رومانية مقدسة أضحت إقطاعية من إقطاعيات التاج الألماني. وكان ملوك ألمانيا يتخذون من هذه الحوادث حجة يبنون عليها ادعاءهم أن إيطاليا جزء من ميراثهم، أما البابوات فكانوا يتذرعون بها للقول بأن أحداً لا يستطيع أن يكون إمبراطوراً رومانياً في الغرب إلا إذا توجه البابا.
ولما أحس أتو بقرب منيته أراد أن يتقي ما عسى أن يعقب موته من الفوضى فحمل البابا يوحنا الثالث عشر على أن يتوج ابنه أتو الثاني إمبراطوراً معه (967)، وزوج ابنه هذا بثيوفانو ابنة رومانوس Romanus الثاني إمبراطور بيزنطية (972)، وتحقق بذلك إلى وقت قصير ما كان يحلم به شارلمان من توحيد الإمبراطوريتين بطريق الزواج، ثم توفي أتو ولما يتجاوز الستين من عمره، ولكنه قام في هذه السنين القلائل بما لم يقم به ذوو الأعمار الطوال (973)، وحزنت عليه ألمانيا كلها وعدته أعظم ملوكها. وصرف أتو الثاني (973 - 983) جهوده في ضم إيطاليا الجنوبية إلى دولته ومات في هذه المحاولة منهوك القوى قبل الأوان. وكان أتو الثالث (983 - 1002) وقتئذ طفلاً في الثالثة من عمره، فحكمت البلاد أمه وجدته أدليد نائبتين عنه مدة ثمان سنين، وأدخلت ثيافانو في أثناء نفوذها الذي دام ثمانية عشر عاماً بعض مظاهر الرقة البيزنطية إلى البلاط الألماني، وبث روح النهضة التي بدأها أتو في الآداب والفنون.