قصه الحضاره (صفحة 4152)

مقدمة

إلى القارئ

إن الغرض الذي أبغيه من تأليف هذا الكتاب هو أن أعرض على القارئ قصة حضارة العصور الوسطى من عام 325 م إلى عام 1300 كاملة بقدر ما تتسع لها صفحاته، بعيدة عن الهوى بقدر ما تسمح له الطبيعة البشرية، والطريقة التي اتبعتها في تأليفه هي النظر إلى التاريخ كله على أنه وحدة شاملة يكمل بعضه بعضاً، أي تصوير جميع مظاهر حضارة من الحضارات أو عصر من العصور في صورة جامعة شاملة، وإيراد قصة تلك الحضارة وذلك العصر بهذه الطريقة عينها. ولذلك كان اضطرارنا إلى الإحاطة بجميع النواحي الاقتصادية، والسياسية، والقانونية، والحربية، والأخلاقية، والاجتماعية، والدينية، والتربوية، والعلمية، والطبية، والفلسفية، والدبية، والفنية لأربع حضارات متباينة- البيزنطية، والإسلامية، واليهودية، والأوربية الغربية، مما جعل وحدة المنهج والإيجاز من اشق الأمور. فأما من حيث الوحدة فإن التقاء الحضارات الأربع واصطراعها أيام الحروب الصليبية قد خلع على هذا المنهج شيئاً منها، وأما الإيجاز ففي وسع القارئ المتعب، الذي يرهقه طول الكتاب، أن يجد شيئاً من العزاء إذا علم أن المخطوط في صورته الأصلية كان يزيد على هذا النص الذي بين يديه بقدر نصف طوله (?). ذلك أننا لم نبق من المخطوط الأصلي إلا ما كان في رأينا لا غنى عنه لفهم تلك الفترة من تاريخ العالم على الوجه الصحيح، أو لجعل القصة حية واضحة زاهية.

على أن في وسع القارئ غير المتخصص أن يمر ببعض الفقرات العويصة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015