شديد الحساسية، إلى تمثاله في هذه المجموعة نفسها والذي يمثله في صورة أستاذ ذي شعر ملتو ودروع سابغة. وليس ثمة سائح يجهل تمثال الإمبراطور أورليوس الفارس ذلك التمثال البرنزي الفخم الذي يشرف، من يوم أعاده ميكل أنجلو، على ساحة الكبتول.
وبقي النقش البارز إلى آخر العهود فناً رومانياً محبوباً. وعادت في أيام هدريان العادة التسكانية والهلنستية، عادة حفر المناظر الاسطورية والتاريخية على التوابيت حين اتخذ الأمل في الخلود صورة شخصية بل صورة جسمية، وحل دفن جثث الموتى محل إحراقها. وتظهر إحدى عشرة لوحة باقية من أقواس النصر التي أقيمت لتخليد ذكرى حروب أورليوس (?) الطراز الطبيعي في أكمل أشكاله: فليس في هذه اللوحات صورة واحدة لشخص قد رسم على أنه مثل أعلى للأشخاص، بل إن لكل فرد فيها خصائصه الفردية التي يمتاز بها من غيره، فصورة ماركس وهو يستقبل في غير فخر أو كبرياء خضوع أعدائه المغلوبين صورة يستثير صاحبها الحب، والمغلوبون لا يظهرون كأنهم برابرة همج بل يبدون في صورة رجال خليقين بكفاحهم الطويل في سبيل حريتهم. وقد أقام مجلس الشيوخ والشعب في عام 174 عمود أورليوس الذي لا يزال يزين الساحة التي يقيم فيها، وقد استلهم من أقاموه فكرته من عمود تراجان، فصوروا فيه الحروب المركمانية وأظهروا في فنهم هذا من العطف ما يشرف الغالبين والمغلوبين على السواء.
وكانت روح الإمبراطور هي التي ساعدت على تشكيل فن هذا الوقت وأخلاقه. ذلك أن الألعاب في أيامه كانت أقل قسوة، وأن القوانين كانت أكثر رعاية للضعفاء، وكان الزواج فيما يبدو أدوم وأرضى للزوجين. نعم إن الفساد الخلقي قد بقي كما كان في كل العهود، تجهر به القلة، وتخفيه الكثرة، ولكنه كان قد جاوز غايته في عهد نيرون، ولم يعد هو طراز الوقت