من الناحية العسكرية ولكن الدول الهلنستية تركتها وشأنها لم تمسها بسوء لأن جامعاتها العلمية جعلتها العاصمة الذهنية للعالم اليوناني. ووجهت أثينة عنايتها للفلسفة، واختفت من ذلك الحين من التاريخ السياسي.
وكانت عصبتا الدول اليونانية وقتئذ في عنفوان قوتهما، ثم أخذتا تضعفان نفسهما بمحاربة كل منهما للأخرى في الخارج، وبحروب الطبقات في الداخل. ففي عام 220 اشتبكت العصبة الإيتولية ومعها إسبارطة وإليس في الحرب "الاجتماعية" العوان ضد العصبة الآخية ومقدونية. وكان أراطوس المدافع عن الحرية يدافع أيضاً عن حق الملكية؛ ولذلك كانت العصبة تؤيد حزب الملاك في كافة المدن. وشكا فقراء المواطنين من أنهم لا يستطيعون حضور الجمعيات النائية لعصبة الدول وأنهم كانوا في واقع الأمر محرومين من الحقوق السياسية؛ وكانوا يرتابون في فائدة حرية لا معنى لها إلا أن تتيح الفرصة كاملة للأقوياء والمهرة دون غيرهم لكي يستغلوا الضعفاء والسذج؛ فأخذوا يؤيدون تأييداً متزايداً المهرجين من زعماء الشعب الذين كانوا ينادون بإعادة توزيع الأراضي الزراعية؛ وشرع الفقراء يفضلون حكم المقدونيين على حكومتهم الوطنية كما كان يفعل الأغنياء قبل مائة عام من ذلك الوقت.
بيد أن الذي قضى على مقدونية آخر الأمر هو أمانة أنتجونس الثالث. وذلك أنه كان قد استولى على زمام السلطة بوصفه وصياً على فليب ابن زوجته، ووعد بأن يتخلى عن الملك حين يبلغ فليب سن الرشد. وأطلق عليه الساخرون في ذلك الوقت اسم "الدوسون عز وجلoson أي الواعد"، لأنهم على ما يبدو كانوا موقنين بأنه لن يوفي بوعدهِ. ولكنه أنجز هذا الوعد فعلاً، وبدأ فليب الخامس في عام 221، وهو في السابعة عشرة من عمره، حكماً طويلاً مليئاً بالدسائس والحروب. وكان فليب شجاعاً قديراً، ولكنه كان مختالاً ميت الضمير، لم