إن الرجل الذي نصوره من مسرحياته هذا التصوير ليشبه تمثاله الجالس في متحف اللوفر، وتماثيله النصفية في نابلي، شبهاً يحملنا على الاعتقاد بأن هذه التماثيل منقولة نقلاً أميناً عن أصول يونانية حقيقية. فوجهه الملتحي وسيم، ولكنه أضناه التفكير، ورققه الحزن الحنون. ويتفق أصدقاؤه وأعداؤه على أنه كان مكتئب الطبع يكاد أن يكون نكداً، لا يميل إلى المرح أو الضحك، وأنه قضى سنيه الأخيرة في عزلة في أرض الجزيرة التي ولد فيها. وكان له ثلاثة أبناء ذكور كانت طفولتهم سبباً فيما استمتع به من سعادة قليلة (118). وكان يجد سلواه في الكتب، ومبلغ علمنا أنه كان أول مواطن فرد في بلاد اليونان جمع لنفسه مكتبة كبيرة (?). وكان له أصدقاء أخيار، منهم بروتاغوراس ومنهم سقراط؛ ولم يكن ثانيهم يهتم بالمسرحيات ولكنه كان يقول إنه لا يتردد في أن يسير إلى ببريه مشياً على قدميه ليشهد مسرحية من مسرحيات يوربديز، وذلك لعمري قول خطير لصدوره من فيلسوف كبير. وكان الجيل الناشئ ممن تحررت عقولهم، من أسر التقاليد يعدونه زعيماً لهم، ولكنه كان له من الأعداء أكثر مما كان لأي كاتب آخر في تاريخ اليونان. وقد اقتصر القضاة الذين كانوا فيما نظن يرون