أبصرت عين الله مذ بدأت الحياة رجلاً واحداً سعيداً (113)؟.
وهو يعجب من جشع الإنسان وقسوته، ومن الشريرين وسعة حيلتهم، ومن اختطاف الموت للناس اختطافاً دنيئاً خبط عشواء. وهو ينطق الموت في بداية مسرحية ألسيس بقوله: "أليست مهمتي أن أقبض أرواح المقضي عليهم؟ "؛ ويجيبه أبلو بقوله: "لا؛ بل مهمتك أن تقبض من نضجوا ووصلوا إلى الشيخوخة الكاملة". ومن رأيه أن الموت إذا جاء بعد أن يحيا الإنسان حياته كاملة كان أمراً طبيعياً، لا يصح أن يغضب أحد منه: "لو أن كل جيل من الناس جاء في أثر الجيل الذي قبله، وازدهر ثم ذبل، ثم انقضى أجله، كما يأتي الحصاد بعد الحصاد على مر السنين، لو أن هذا حدث لما بكينا صروف الزمان وما تصيبنا به الأقدار. إن هذا هو الذي تجري به سنن الطبيعة، ومن واجبنا أن لا نبتئس بما تجعله قوانينها أمراً محتوماً لا مفر منه" (114). وينتهي أمره إلى الرواقية: "اصبر كما يجب أن يصبر الرجال، ولا تضجر" (115). وتراه من حين إلى حين يحذو حذو أنكسيمانس صلى الله عليه وسلمnaximenes ويستبق فلسفة الرواقيين فيواسي نفسه بالتفكير في أن روح الإنسان جزء من الهواء المقدس، النيوما Pneuma، وفي أنها ستبقى بعد الموت جزءاً من روح العالم (116):
من يدري؟ لعل هذا الذي نسميه موتاً هو حياة، ولعل ما نسميه حياة هو الموت؟ وكل ما هنالك من فرق أن الناس وهم أحياء يقاسون مرارة الأحزان، فإذا ما أسلموا الروح، لم تبق لديهم أحزان، ومن ثم لا يحزنون (117).