هؤلاء كلهم يبغضون ترف الأغنياء وامتيازاتهم، ويرفعون إلى مصاف الزعامة في أثينة رجالاً من أمثال كليون Cleon دابغ الجلود، ولسكليز Lysicles بائع الأغنام، ويكراتيز صلى الله عليه وسلمucrates بائع حبال السفن، وكليوفون Cleopehon صانع القيثارات، وهيبربولس صانع المصابيح. وأفلح بركليز مدى جيل كامل في إبعاد هذا الحزب عن الحكم بسياسته التي كانت مزيجاً من الدمقراطية والأرستقراطية، فلما مات ورث الحزب الحكم واستمتع كل الاستمتاع بمستلزماته. وظل النزاع المرير قائماً بين الألجركيين والدمقراطيين من أيام صولون إلى أيام الفتح الروماني عن طريق الخطابة والاقتراع والنفي والاغتيال والحرب الأهلية الداخلية.
وكان كل ناخب يعد بهذا الوصف عضواً في الهيئة الحاكمة الأساسية - وهي الإكليزيا أو الجمعية. وعند هذا الحد من الحكم لم تكن هناك حكومة نيابية. وإذ كان الانتقال فوق تلال أتكا من أشق الأمور فلم يكن يحضر أي اجتماع من اجتماعاتها إلا عدد قليل من أعضائها، قلما كان يزيد على ألفين أو ثلاثة آلاف، وكان المواطنون الذين يعيشون في أثينة أو في ثغرها بيرية يحضرون وكأنهم مصممون على أن يكون موطنهم هو المسيطر على الجمعية؛ وكان الدمقراطيون بهذه الطريقة يتفوقون على المحافظين لأن كثرة هؤلاء كانت مشتتة في مزارع أتكا وضياعها. وكانت الجمعية تعقد جلساتها أربع مرات في الشهر، تعقدها في المناسبات الهامة في السوق العامة، أو في ملهى ديونيسس، أو في ثغر بيرية. أما الجلسات العادية فكانت تعقد في مكان نصف دائري يدعى البنيكس Pnyx على منحدر تل غرب الأريوبجوس؛ وكان الأعضاء في هذه الحالات كلها يجلسون على مقاعد مكشوفة للسماء وتبدأ الجلسات عند مطلع الفجر، ويفتتح كل دور اجتماع بالتضحية بخنزير إلى زيوس. وقد جرت العادة أن تؤجل الجلسات على الفور إذا ثارت عاصفة أو حدث زلزال أو خسوف أو كسوف، لأن هذه الظواهر كانت في رأيهم أدلة على غضب الآلهة. ولم يكن