وهناك بدأت أطول جنازة في التاريخ· نقول أطول جنازة كحقيقة مؤكَّدة· لقد نقلت الجثة إلى الباخرة نورماندي Normandie التي نقلتها بدورها إلى فال دي لا هاي Val de La Haye على السين إلى الأدنى من الرون Rouen ثم نقلت إلى سفينة نهرية أقيم عليها معبد (مصلّى أو كنيسة صغيرة) يحرسها في أركانها الأربعة كل من بيرتران، وجورجو، ولاكاس، ومارشان، وتحت هذا المعبد (أو الكنيسة الصغيرة) كان التابوت الذي يضم الرفات مُطلاً على نهر السين· وراحت السفينة تتوقف أمام كل مدينة كبرى للاحتفاء على الشاطئ · وعند كوربفوّى Courbevoie ( شمال باريس بأربعة أميال) نقل التابوت إلى عربة جنائزية مزيّنة يحفها موكب من الجنود والبحارة وذوي المكانة ليمر عبر نيللي Neuilly وتحت قوس النصر وعلى طول الإليزيه، وكانت الحشود فرحة تصفّق ·
وفي وقت متأخر من هذا اليوم اللاذعة برودته وصل الجثمان أخيرا إلى مكانه (القبر) - كنيسة مقابر ضحايا الحرب ذات القبة الرائعة· وغصّ صحن الكنيسة ومماشيها بآلاف المشاهدين الصامتين بينما يحمل أربعة وعشرون بحارا التابوت الثقيل إلى مذبح الكنيسة حيث خاطب الأمير دي جونفيل de Joinville أباه الملك قائلا: سيدي، لقد أحضرت لك جثمان إمبراطور فرنسا فأجاب الملك لويس فيليب: إنني أستقبله باسم فرنسا· ووضع بيرتران سيف نابليون فوق التابوت، وأضاف جورجو قبّعة الإمبراطور، وأنشدت الجموع القداس Mass على روحه بمصاحبة موسيقي موزارت Mozart، وأخيرا أصبح رفات الإمبراطور حيث كان يود أن يكون - في قلب باريس وعلى ضفاف نهر السّين·