ومن هنا فقد أملى مذكراته لتبقى على صورته حية، وقد حقَّقت أغراضها جيدا· وقد تم تهريب مذكراته عن معركة واترلو التي أملاها على جورجو Gourgaud من جزيرة سانت هيلينا، وتم نشرها في باريس سنة 1820، وذكر لنا لا كاس أن نشرها كان نبأ مثيرا وأنه أحدث ضجة· وفي عامي 1821 - 1822 صدرت في فرنسا ستة مجلدات أخرى من سيرته الذاتية· وسرعان ما شقّت مذكرات وحكايات الإمبراطور طريقها ولعبت دورا كبيرا في تعديل الأسطورة (أي صورته بين الناس) وجعلته وهو ميت، قوة حيّة في فرنسا·
وأصبح رفاقه هم رُسُله apostles ( أي حواريوه وفي هذا تشبيه له بالمسيح، والرسل في المفهوم المسيحي هم الدعاة الأوائل للمسيحية - المترجم)، ودافع عنه أوميرا بشجاعة (1822) في عقر دار ألد أعدائه، ودافع عنه لا كاس وجعله بلا أخطاء في كتابه ذي المجلدات الأربعة (1823)، ذلك الكتاب الذي أصبح إنجيلا لعقيدة جديدة مُلهمة·
ولم يظهر تقرير الكونت دي مونثولو de Montholon الموسّع حتى سنة 1847، كما لم يظهر تقريرا جورجو، وبيرتران رضي الله عنهertrand إلا بعد موتهما، لكن في هذه الأثناء كانت شهادتاهما الحية تغذيان هذا الإيمان (بنابليون)، وراح مونثولو يذكرنا بتوجيهاته لابنه وهو - أي نابليون - على فراش الموت مُضْفيا الفضائل على الماضي الإمبراطوري: الحذر والاعتدال والحكم الدستوري وحرية الصحافة وانتهاج سياسة السلام مع العالم والآن أتى دور النصيحة المناسبة:
"دعوا ابني يقرأ التاريخ ويتأمله، فالتاريخ هو الفلسفة الوحيدة الصادقة"·