قصه الحضاره (صفحة 16122)

وكان السير هدسون لديه من الكبرياء أكثر مما لديه من روح الفكاهة، وبعد عودته إلى مكتبه أرسل إلى مساعدي نابليون يخبرهم أن القيود موضع الشكوى فرضتها الحكومة البريطانية وليس لديه الصلاحيات لإلغائها، وأضاف قائلا إنه بناء على تعليمات حكومته لابد أن تمر كل مراسلات بين لونجوود والعالم الخارجي من خلاله وأن تكون خاضعة لتفتيشه (رقابته) وعلى وفق ما ذكره لا كاس Las Cases رفض الحاكم أن يوصّل لنابليون الخطابات التي تخاطبه بالإمبراطور نابليون·

وأرسل الحاكم دعوة على العشاء للجنرال بيرتران، والجنرال نابليون، فرفضها نابليون· وبلغ النزاع درجة عالية من السخونة عندما أخبر الحاكمُ الجنرالَ بيرتران أن الحكومة البريطانية تذمّرت من التكاليف الباهظة التي تتكبدها للحفاظ على نابليون والإنفاق على إقامته ومن معه (51 شخصا) · وكانت الحكومة قد سمحت بمبلغ 8,000 جنيه إسترليني سنويا لهذا الغرض، لكن المصاريف الفعلية بلغت 18,000 جنيه إسترليني في العام الأول واقترحت الحكومة البريطانية أن أي مبلغ يزيد - بعد ذلك - عن 8,000 جنيه لابد أن يدفعه نابليون·

فأمر الإمبراطور مونثولو أن يبيع الفضة الإمبراطورية وعرض أن يدفع المصاريف الزائدة إذا وافق لو على ألا يَفُض خطاب نابليون لمسئوله البنكي في باريس، ولم يستجب لو Lowe· وأرسلت أسرة نابليون له عروضا بتقديم الأموال له فشكرهم ولكنه قال إنه سيضع ذلك في اعتباره، وعرضوا عليه أن يأتوا للإقامة معه فمنعهم قائلا إنهم لن يتحملوا المناخ ولا العزلة طويلا· وفكر لو في تيسير الموقف برفع المخصصات إلى 12,000 جنيه إسترليني، لكن مناقشاته حول النفقات أحنقت نابليون·

وعندما زاره (لو) مرة أخرى (16 يوليو 1816) قال له نابليون (على وفق ما ذكره للاكاس) محرقا كل الجسور بينهما:

"أتسمح لي أن أقول لك عن رأينا فيك؟ إننا نعتبرك قادراً على كل شيء··· نعم كل شيء· إنني لن أشكو من هؤلاء الذين أرسلوني إلى سانت هيلينا، وإنما من هؤلاء الذين جعلوك حاكما عليها· إنك مصيبة حلّت بنا، مصيبة أبشع من كل ما تسببه لنا هذه الصخرة المرعبة من بؤس"·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015